أنا حيران، وللأم
ر ظهور والتباس
لا يكن عهدك وردا
إن عهدي لك آس
وأدر ذكري كأسا
ما امتطت كفك كاس
وعسى أن يسمح الده
ر، فقد طال الشماس
فما كادت تصل الأبيات إلى ابن برد حتى أسرع إليه يواسيه ويروح عنه، ويعده بأن يعيد الكرة على ابن جهور، وأن يلحف في طلب العفو عنه، ثم طلب إليه أن يكتب إلى عميد الجماعة رسالة يصف فيها سوء حاله في السجن، ويعتذر من زلته، ويذكره بسالف بلائه في خدمته، وإخلاصه لدولته. فكتب ابن زيدون الرسالة بعد أيام، وبعث بها مع نائلة، وهي من روائع النثر العربي جاء فيها:
يا مولاي وسيدي الذي ودادي له، واعتمادي عليه، واعتدادي به، وامتدادي منه، ومن أبقاه الله ماضي حد العزم، وارى زند الأمل، ثابت عهد النعمة. إن سلبتني أعزك الله لباس نعمائك، وعطلتني من حلي إيناسك، وأظمأتني إلى برود إسعافك، ونفضت بي كف حياطتك، وغضضت عني طرف حمايتك، بعد أن نظر الأعمى إلى تأميلي لك، وسمع الأصم ثنائي عليك، وأحس الجماد باستحمادي إليك، فلا غرو قد يغص بالماء شاربه، ويقتل الدواء المستشفي به، ويؤتى الحذر من مأمنه، وتكون منية المتمني في أمنيته، والحين قد يسبق جهد الحريص.
Shafi da ba'a sani ba