وحمل إليه البريد خبر موت نائلة فذهبت نفسه عليها حسرات، وتقطعت زفرات، وبكى فيها الوفاء والحنان والحب السماوي النقي الطاهر وأنشد:
لرزئك تنهل الدموع فمثله
إذا حل ود القلب لو كان مدمعا
لقد أجهش الإخلاص بالأمس باكيا
عليك كما حن الوفاء فرجعا
ودنيا وجدنا العيش في غفلاتها
طريقا إلى ورد المنية مهيعا
نعلل فيها بالمنى فتغرنا
بوارق ليس الآل فيها بأخدعا
وكانت الرسل بينه وبين ولادة لا ينقطع لها مجيء وذهاب، كأنها وشيعة الحائك لا تكاد تلتقي بيمينه حتى تعود إلى شماله، ولكن ماذا تعمل الرسل، وماذا تجدي الرسائل، وحبيبته حبيسة عند ابن جهور، ربيطة بقرطبة، لا تستطيع منها فكاكا؟ قاتل الله ابن جهور! ولعن الله الأيام السود التي نصبته عميدا للجماعة وسيدا مطاعا بين ساداتها وكبرائها! لقد بذل نفسه في خدمته فما أجدى، وخلع عليه من المديح أثوابا يبلى الدهر ولا تبلى، ثم يجيء آخر الأمر فيحول بينه وبين ريحانة حياته وخاتمة آماله.
Shafi da ba'a sani ba