Hashiyat Tartib na Abu Sitta
حاشية الترتيب لأبي ستة
قوله: «فذلكم الرباط» قال ابن العربي: يعني به تفسير قوله تعالى: {اصبروا وصابروا ورابطوا}[آل عمران:200]، وقال في النهاية: الرباط في الأصل الإقامة على جهاد العدو بالحرب وارتباط الخيل وإعدادها، شبه به ما ذكر من الأفعال الصالحة والعبادة. وقال القتبي: أصل المرابطة أن يربط الفريقان خيولهم في ثغر كل منهما معدا لصاحبه، فسمي المقام في الثغور رباطا، ومنه قوله: "فذلكم الرباط"، أي المواظبة على الطهارة والصلاة والعبادة كالجهاد في سبيل الله، فيكون الرباط مصدر رابطت أي لازمت، وقيل: إن الرباط هنا اسم لما يربط به الشيء أي يشد، يعني أن هذه الخلال تربط صاحبها عن المعاصي وتكفه عن المحارم. ثم قال: وحقيقة الرباط ربط النفس عن المعاصي والجسم مع الطاعات، وحكمة تكراره؛ قيل: للاهتمام به وتعظيم شأنه، وقيل: كرره صلى الله عليه وسلم على عادته في تكرير الكلام ليفهم عنه، قال النووي: والأول أظهر، انتهى.
<1/119> وقال الباجي: يعني أنه من الرباط المرغب فيه لأنه قد ربط نفسه على هذا العمل وحبس نفسه عليه، قال: ويحتمل أن يريد تفضيل هذا الرباط على غيره من الرباط في الثغور فلذا قال: "فذلكم الرباط" أي أنه أفضل أنواعه، كما يقال: (جهاد النفس هو الجهاد) أي أنه أفضله، ويحتمل أن يريد أنه الرباط الممكن المتيسر، وقد قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: إن ذلك من ألفاظ الحصر، وكرره ثلاثا على معنى التعظيم لشأنه، انتهى من العلقمي.
Shafi 114