بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المحشي نحمدك اللهم على نعمك المتواترة وآلائك المتكاثرة، ونصلي ونسلم على سادة أهل الدنيا والآخرة، محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعترته الطاهرة.
أما بعد:
فيقول العبد الجاني، والقن الفاني، المتعطش إلى فيض ربه السبحاني، راجي عفو ربه الغافر، ابن محمد أكمل محمد باقر، أوتي كتابه بيمناه، وجعل عقباه خيرا من دنياه:
إني لما وقفت على " شرح الارشاد " للعالم الرباني، والفاضل الصمداني، الحبر (1) المحقق، والمولى المدقق، صاحب الكرامات المشهورة، والفضائل المأثورة، مؤسس أحكام العترة الطاهرة، في رأس المائة العاشرة، الأجل الأمجد، مولانا المقدس أحمد، قدس الله فسيح تربته، وأسكنه بحبوحة جنته، رأيته قدس سره قد كبا جواده في بعض الميادين، فأخذ على علمائنا الأساطين، وذلك لما اعترف به طاب مضجعه، وعلا مقعده، من عدم عثوره على أستاذ يقيمه ويسدده، فرأيت أن أتدرك ما فاته رحمه الله من دليلهم، وغفل عن سواء سبيلهم.
ومع ذلك، فلعمري لم أر في مصنفات أصحابنا المتقدمين، ولا في مؤلفات علمائنا المتأخرين، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، مؤلفا يشبهه في جمعه وتحريره، أو يدانيه في تحقيقه وتحبيره، فلله دره، قدس سره، فلقد أتى بالشئ
Shafi 3
العجاب، بل بل بما يحير لب ذوي الألباب، ولا عجب ممن كانت تخدمه ملائكة الرحمان، وكان يخاطبه الإمام صاحب الزمان، وتلقى المسائل شفاها من الإمام، عليه أفضل الصلاة والسلام، فجزاه الله عنه وعن رسوله وعن أئمته وعن الكتاب والسنة وعنا خير جزاء المحسنين، إنه أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، رؤوف رحيم، عطوف كريم.
Shafi 4
كتاب المتاجر
Shafi 5
قسم العقود (1) قوله: ويدل عليه أيضا الآيات والأخبار الكثيرة جدا.. إلى آخره (2).
في " الفقه الرضوي ": (إعلم يرحمك الله، أن كلما يتعلمه العباد من أصناف الصنائع، مثل: الكتاب، والحساب، والتجارة، والنجوم، والطب، وسائر الصناعات والأبنية، والهندسة، والتصاوير ما ليس فيه مثال الروحانيين، وأبواب صنوف الآلات التي يحتاج إليها مما فيه منافع وقوام معايش (3)، وطلب الكسب فحلال كله، تعليمه والعمل به، وأخذ الأجرة عليه، وإن قد تصرف بها في وجوه المعاصي أيضا، مثل استعمال ما جعل للحلال ثم يصرفه (4) إلى أبواب الحرام، في مثل: معاونة الظالم وغير ذلك من أسباب المعاصي، مثل الإناء والأقداح وما أشبه ذلك، ولعلة ما فيه من المنافع جائز تعليمه وعمله، وحرم على من يصرفه إلى غير وجوه الحق والصلاح التي أمر الله بها دون غيرها. اللهم، إلا أن يكون صناعة محرمة أو منهيا عنها، مثل الغناء).. إلى آخر ما قال (5).
Shafi 7
في كسب الصرف قوله: أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة.. إلى آخره (1).
ويؤيده - أيضا - أن جمعا من ثقات أصحابهم (عليهم السلام)، وأجلتهم كانوا صيارفة، مثل مؤمن الطاق (2)، وإسحاق بن عمار الثقة (3)، وسدير الصيرفي الجليل (4) وغيرهم، ومر عن عبارة " الفقه الرضوي " ما يدل أيضا، بل الظاهر منها ومن الروايتين (5) - أيضا - عدم الكراهة، فتأمل.
قوله: لعله يريد بالحرام فيها الكراهة.. إلى آخره (6).
لكن مع ذلك ربما يظهر من طريقة الجواب عدم الكراهية أيضا، فتأمل.
وربما يظهر أن الكراهة أو الحرمة من قول العامة، وأن ما ورد - مما
Shafi 8
تضمنها - محمول على التقية، فتأمل.
قوله: وروى زيد بن علي عن آبائه عن علي (عليه السلام)، " إنه أتاه رجل فقال له:
يا أمير المؤمنين! والله إني أحبك لله، فقال له: لكني أبغضك لله، قال: ولم؟ قال:
لأنك تبغي في الأذان وتأخذ على تعليم القرآن أجرا ".. إلى آخره (1).
سيذكر عن الصدوق أنه روى هذه الرواية هكذا: " لأنك تبغي في الأذان كسبا، وتأخذ على تعليم القرآن أجرا " (2).
تحريم الاحتكار وكراهته قوله: والأصل يقتضي حمل الكراهة على معناه الحقيقي.. إلى آخره (3).
هذا، على تقدير ثبوت الحقيقة الشرعية، حتى في مثل لفظ الكراهة، وهو محل تأمل، بل ثبوتها فيه في كلام قدماء الأصحاب - أيضا - لعله محل تأمل، فضلا عن كلامهم (عليهم السلام).
وأما في اللغة، فمعناها المرجوح المعتد به، فيشمل الحرمة، إلا أن يقال:
التعبير عن الحرام بما هو ظاهر في الأعم منه ومن الكراهة خلاف الظاهر، لأن الحرمة يحتاج التعبير عنها إلى التصريح بعدم جواز الفعل، ولا يناسبه المسامحة في الإفهام، بل يناسبه التشديد والتأكيد، والتصريح، والتوضيح ، كي لا يتحقق
Shafi 9
الغفلة، وتوهم المعنى الأعم، بل وتوهم الكراهة، لأنها يناسبها المسامحة في التعبير، والاكتفاء بمجرد المرجوحية، ففي التعبير بلفظ الكراهة إشعار بالكراهة بالمعنى المصطلح عليه، فتأمل.
لكن الأخبار المعارضة (1) لهذه الحسنة (2) دلالتها على الحرمة في غاية الظهور، فلا يقاوم دلالة هذه الحسنة دلالتها، ومن تلك الأخبار ما هو صحيح (3)، كما سيذكره الشارح (4)، فتأمل.
قوله: فكأنهم نظروا إلى اختصاصه بحكيم بن حزام، فلا يظهر دلالتها على المطلوب.. إلى آخره (5).
لا يخفى أن الرواية ظاهرة في التحريم، على كل من فعل فعل الحكيم، ولذا سأل المعصوم (عليه السلام) بقوله " يبيعه أحد غيرك؟ " (6).
ويؤيده - أيضا - قوله: " وإنما كان ذلك.. إلى آخره " (7)، فإن الظاهر منه أن المراد الاحتكار الممنوع المشهور عند المسلمين، كما لا يخفى.
قوله: الثاني، إن الخلاف مع عدم الضرورة، مثل المخمصة، وإلا فيحرم بالإجماع ظاهرا (8).
Shafi 10
إذ الضرورة لا خصوصية لها بالأجناس المعهودة المعدودة، بل لا خصوصية لها بالمأكولات، فضلا عن الأمور المعدودة المعهودة، بل لا خصوصية لها بالشرائط، ولا يمكن أن تصير محل النزاع.
قوله: وظاهر ما في رواية حذيفة بن منصور.. إلى آخره (1).
ظاهر هاتين الروايتين (2) تحريم الاحتكار، وضعف سندهما منجبر بالشهرة وغيرها، فلا يحسن أن يقال: لعل بناء عملهم على أمثال هذه الأخبار على التسامح في أدلة السنة والكراهة، فلا تغفل.
في الكسب الحرام قوله: هو التكسب بما اشتمل على وجه قبيح.. إلى آخره (3).
في " الفقه الرضوي ": " كل مأمور به مما هو من على العباد (4) وقوام لهم في أمورهم، من وجوه الصلاح الذي لا يقيمهم غيره مما يأكلون، ويشربون، ويلبسون، وينكحون، ويملكون، ويستعملون، فهذا كله حلال بيعه وشراؤه
Shafi 11
وهبته وعاريته. وكل أمر يكون فيه الفساد مما قد نهي عنه، من جهة أكله وشربه ولبسه ونكاحه وإمساكه لوجه الفساد، مثل: الميتة والدم ولحم الخنزير، والربا وجميع الفواحش، ولحوم السباع، والخمر، وما أشبه ذلك فحرام ضار للجسم وفساد للبدن (1) " انتهى (2).
وقوله: " وما أشبه ذلك " لعله شامل لجميع النجاسات والمتنجسات التي لا تقبل التطهير، وكذا أمثالها، فتأمل.
هذا، وفي " العوالي " عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن الله إذا حرم على قوم أكل شئ حرم ثمنها " (3).
وفيه أيضا عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) " لعن الله اليهود، حرم عليهم الشحوم فباعوها، وأكلوا ثمنها " (4).
وفي أخبار الكتب الأربعة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) في الخمر: " إن الذي حرم شربها حرم ثمنها " (5).
Shafi 12
بيع الأعيان النجسة قوله: وتحريم الأعيان يستلزم تحريم (1).
ربما يظهر هذا من بعض الأخبار، وهو خبر جابر عن الباقر (عليه السلام) أنه منع رجلا عن أكل السمن والزيت الذي مات فيه الفأرة، فقال الرجل: الفأرة أهون علي من أن أترك طعامي لأجلها، فقال (عليه السلام): " إنك لم تستخف بالفأرة، وإنما استخففت بدينك، إن الله حرم الميتة من كل شئ " (2)، فتأمل.
قوله: وجوه الاستمتاع، و * (وإنما الخمر) * الآية (3).
وأيضا، المسكر ليس ملكا لمسلم ولا يملكه، فكيف يتحقق بيعه (4)؟! فإن البيع نقل الملك إلى آخر - كما سيجئ - وأيضا مأمور بصبه من باب النهي، ومنع (5) الشارب وضربه، فكيف يبيعه منه؟ فتأمل.
قوله: مثل رواية السكوني.. إلى آخره (6).
ربما يستفاد من ظاهر بعض الأخبار، وصريح بعضها جواز بيع مثل الخمر
Shafi 13
والخنزير لأجل قضاء دين المسلم، وكذا تملك المسلم لثمنها (1) في الجملة، والأخبار مذكورة في كتاب الدين (2)، وسنذكر في هذا الكتاب مع توجيههم لها، فليلاحظ.
قوله: [تحريم الميتة] وعدم جواز استعمالها في شئ بوجه.. إلى آخره (3).
وورد في الأخبار المنع عن الانتفاع بالميتة مطلقا (4)، وأما الأكل ففي القرآن والأخبار ورد حرمته (5)، مضافا إلى الإجماع (6)، بل الضرورة.
قوله: [وفي حكم النجس العيني] ما ينجس به ولم يقبل التطهير.. إلى آخره (7).
قد مر في الحاشية السابقة عن " الفقه الرضوي "، وغيره ما يشير إلى ذلك (8).
قوله: [الأعيان النجسة الجامدة] كالثوب وشبهه يجوز بيعها إجماعا.. إلى آخره (9).
هذا القيد لخروج مثل العجين النجس، لأن الظاهر أن حكمه حكم المائع
Shafi 14
الذي لا يقبل التطهير، كما يظهر من الأخبار (1)، إلا أن يقال بجواز (2) التطهير بجعله خبزا يابسا غاية اليبوسة، ثم غسله بالماء الجاري أو الكر، كما سيذكر الشارح.
قوله : [وفي عدم تطهير الخل مطلقا] وكذا بعض المائعات تأمل.. إلى آخره (3).
في التطهير إشكال ظاهر، لتوقفه على وصول الماء إلى جميع أجزاء الخل، وهو باق على حقيقته، وصدق كونه ماء، أو مع ذلك يكون متصلا بالكر ومثله، حتى لا ينفعل بالملاقاة، وظاهر عدم البقاء وعدم الاتصال، وأقلا عدم العلم بالأمرين والنجاسة مستصحبة، حتى يحصل العلم بالطهارة، ويظهر من أخبار الدهن النجس والمرقة النجسة وغيرهما عدم القبول للطهارة (4)، مضافا إلى الإجماع المنقول (5).
قوله: لأنه المتبادر منها، وإن ذكر الاستصباح [لكونه نفعا].. إلى آخره (6).
لم أعرف وجه التبادر ولا نفسه، إلا أنه في الظن العقلي عدم الفرق بينه وبين غيره، أو عدم تعقل فرق، لكن ربما لعل هذا قياس حرام لا دلالة اللفظ، وربما يضعف التبادر الذي ادعاه، أنا الآن إذا قلنا للناس: أسرجوا به، حين يستفتون عن حاله وأنهم ماذا يصنعون، لأنهم ما يدرون ما يصنعون به، فالظاهر أنهم لا يفهمون العموم، بل ربما يسألون: هل يجوز لنا غير هذا؟ وأما العلماء فحالهم كما
Shafi 15
أشرنا.
ومما يضعف، ما ادعاه أنه ورد أخبار كثيرة في هذا المعنى، وكلها بلفظ الإسراج ومرادفه (1)، ولم يتفق الإشارة إلى أمر آخر أصلا مع كثرته، سيما صحيحة معاوية بن وهب، حيث ذكر في أولها: " وأما الزيت فليستصبح به " (2)، وكرر ذلك بأن ذكر في آخرها أيضا، بل ما في آخرها له ظهور في الاختصاص، لأن المقام ليس مقام زيادة قوله: " ليستصبح به " لولا الاختصاص.
هذا، مضافا إلى أن المقام في هذه الأخبار مقام الحاجة إلى معرفة وجوه الاستعمال المحللة، فالمناسب التصريح والتوضيح للراوي، لا أن يأتي بعبارة لا يكاد يفهم العموم، بل ربما يفهم الخصوص، كما أشرنا، مضافا إلى الإتيان بصيغة الأمر الظاهرة في الوجوب العيني المذكورة في محل الحظر ومورد توهمه، فربما يظهر من هذا أن عدم الحظر والإباحة مختص بما ذكر فتدبر، مع أن الفقهاء أيضا فهموا الاختصاص إلا نادرا منهم، فتأمل.
وأما قوله: " لا تأكل " فلعله كناية عن النجاسة، كما هو في المواضع التي يثبتون النجاسة منها، فإن المذكور فيها ليس إلا عدم الأكل، أو عدم الشرب، أو عدم الوضوء، ولذا لا يجوز الاستعمال في كل ما يشترط فيه الطهارة جزما، فتأمل.
قوله: [والإجماع بعدم جوازه تحت السقف] غير ظاهر، لوجود الخلاف والدليل.. إلى آخره (3).
فيه، أن هذا لا يصلح للعلية، لأنه لو خرج الماء لم يضر، كما صرح به في
Shafi 16
موضعه، وكذا وجود الإطلاقات، لأن المطلق يحمل على المقيد، نعم يشترط المقاومة إلى حد يتعين التقييد، ولعله ربما لا يفي لذلك، فتأمل.
قوله: ولعدم الفرق، [بل الاستعمال في نحو الصابون وأدهان الحيوانات] واستعمال الجلود والخشبات وغيرها أبعد [من شبهة وصول دخانه].. إلى آخره (1).
ما ذكره لا يخلو عن قوة ظن عند العقل، إلا أنه ربما يشكل الاعتماد عليه في مقام الفتوى بملاحظة ما أشرنا إليه، فتأمل.
قوله: [بل مجرد] الاجتهاد على ما يظهر، فالظاهر جواز سائر الانتفاعات [في سائر المتنجسات].. إلى آخره (2).
فيه، أن ابن إدريس ادعى الإجماع (3)، والإجماع المنقول بخبر واحد حجة على ما هو المشهور المعروف، بل هو أيضا خبر واحد، لأن الإجماع عندنا كاشف عن قول المعصوم (عليه السلام).
وأما ما ذكره من الاجتهاد، فهو لا يقتضي المنع مطلقا، كما قالوه، بل لا يقتضي المنع أصلا، لأن الطهارة مستصحبة حتى يعلم النجاسة ويستيقن، ولا يكفي الظن، مع أن الحكم بحرمة التنجيس أيضا مشكل، والله يعلم.
نعم، كون إجماع ابن إدريس بحيث يقاوم إطلاقات الأخبار الصحيحة، ويترجح عليها حتى يقيدها محل نظر، والشهيد الثاني تنظر في نفس دعواه الإجماع (4)، ولم يعلم وجهه، فتأمل.
Shafi 17
مضافا إلى أن العلامة [نقل] في " المختلف " (1) عن الشيخ في " المبسوط " أنه قال: (وروى أصحابنا أنه يستصبح به تحت السماء دون السقف) (2)، إلا أن في نسبة الرواية إلى الأصحاب وعدم نقله في " التهذيب " و " الاستبصار " ربما يوهن ذلك.
قوله: كما في النجاسات العينية مطلقا، حتى في ألية الميتة.. إلى آخره (3).
قد أشرنا إلى أنه ورد في الأخبار المنع عن الانتفاع من الميتة مطلقا، وسئل عن الصادق (عليه السلام) عن قطع أليات الغنم، فقال: " لا بأس به " ثم قال: " في كتاب علي (عليه السلام): إن ما قطع منها ميتة لا ينتفع به " (4).
وفي خبر آخر عنه (عليه السلام) أنه قال في أليات الضأن تقطع (5): " إنها ميتة " (6).
وفي خبر آخر: " حرام هي، إنها ميتة " فقيل له (عليه السلام): فنستصبح بها؟
فقال: " أما علمت أنه يصيب اليد والثوب، وهو حرام! " (7)، فتأمل.
قوله: [وموجبا للخيار لا غير]، لأن غايته نهي في غير العبادة، وهو ليس بمقتض للفساد، كما حقق في موضعه.. إلى آخره (8).
Shafi 18
لا يخفى أن الصحة في المعاملات عبارة عن ترتب الأثر الشرعي عليها، والأصل عدم الترتب حتى يثبت بدليل، فلا بد من دليل ومقتض للصحة لا ينافيه النهي، والمقتضي ليس إلا مثل: * (أحل الله البيع) * (1)، و * (أوفوا بالعقود) * (2)، والنهي ينافي الأول جزما، والثاني ظاهرا، فإن الحلية والحرمة لا يجتمعان قطعا، وكذا وجوب الوفاء وحرمة الارتكاب لا يجتمعان على الظاهر، بل إذا حصل الشك والاحتمال، يشكل الحكم بالصحة، للإشكال في وجود المقتضي، وقد عرفت أن الأصل عدمه، فتأمل.
قوله: نعم يمكن أن يقال: البيع الصحيح.. إلى آخره (3).
مراده، أن البيع لو لم يكن للاستصباح يكون فاسدا البتة، كما هو المسلم عندهم، فظهر وجه تخصيص بالاستصباح، فإذا كان فائدة الاستصباح علة للصحة ومؤثرة فيها، فكيف يصح بدون الإعلام؟ لعدم العلم حينئذ بحصول الفائدة التي هي المصححة للبيع والمؤثرة في الصحة، بل المظنون حينئذ عدم الفائدة إذا كان سمنا، بل وزيتا أيضا، لعدم التعارف في الإسراج، بل وتعارف عدم الإسراج، فتأمل.
قوله: ومجرد كونه نجسا [لا يصلح لذلك].. إلى آخره (4).
لا يخفى أنه ورد في الأخبار: " إن الله إذا حرم أكل شئ حرم ثمنها "، وقد تقدم (5). رواها المصنف في بحث تحريم بيع الأعيان النجسة، أنه قال: (لعن
Shafi 19
الخمر (1) وغارسها - إلى أن قال في ذيلها - وكل مسكر، لأنه نجس) (2)، وهذه العلة تقتضي تحريم النجس من باب القياس المنصوص العلة، فتأمل (3).
قوله: [الذي] لا نفع فيه غير الكلاب الأربعة، فتأمل.. إلى آخره (4).
لا يخفى، أن الأخبار الواردة في منع بيع الكلب وحرمة ثمنه، واستثناء خصوص كلب الصيد (5) في غاية الوضوح في منع بيع الكلاب الثلاثة وحرمة ثمنها، ولا يجوز أن يقال: لعل ندرة وجودها صارت منشأ لعدم التعرض لحالها بالخصوص، والحكم بجواز بيعها أيضا، لأن وجود هذه الكلاب الثلاثة أكثر من وجود كلب الصيد بمراتب. سلمنا، لكن ليس أندر قطعا، فوضوح الدلالة بحاله.
قوله: [ولا يجوز بيع السرجين النجس] إجماعا منا، ويفهم من " المنتهى " (6) أن الإجماع على عدم جواز بيع النجس [عينا].. إلى آخره (7).
ومضافا إلى هذا الإجماع، أنه ورد المنع عن بيع العجين النجس (8)، فنجس العين أولى (9)، ولأن صحة البيع تحتاج إلى ثبوت المملوكية، والأصل عدمها حتى
Shafi 20
تثبت، ولم يثبت، ومر أيضا " ما حرم الله تعالى أكلها حرم ثمنها " (1) وغير ذلك، فليلاحظ.
قوله: ولهذا ترى أن عذرة الإنسان تحفظ، بل تباع وينتفع بها في الزراعات.. إلى آخره (2).
أما البيع فلا، بل الذي نشاهد منهم أنهم يضمنونها بتراب، أو مثله مما يصح بيعه، ويقولون: نبيع ذلك لا العذرة، ويعترفون بالمنع عن بيعها.
عدم جواز اقتناء المؤذيات قوله: وأما تحريم اقتناء المؤذيات [فليس بواضح الدليل].. إلى آخره (3).
ربما ورد الأمر بقتل المؤذيات (4)، فكيف يجوز الاقتناء مع ذلك؟! سيما عند الشارح ومن يقول بمقالته من أن الأمر بالشئ يقتضي النهي عن ضده، مع أن المقام غير متوقف عليها، فتأمل.
Shafi 21
ما قصد به المحرم قوله: وفي رواية.. إلى آخره (1).
في رواية جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) (2)، رواها الشيخ في كتاب المكاسب (3).
قوله: ومعلوم تحريم التكسب بما هو المقصود منه حرام.. إلى آخره (4).
مر الإشارة إلى دليله (5)، ومر في بحث الحجامة رواية مقتضاها ومضمونها أن الحجامة لو كانت حراما لما احتجم الرسول، وما أعطى الأجر (6)، فيظهر منها أن كل عمل حرام لا يجوز إعطاء الأجر فيه، وأشار إليه الشارح.
قوله: فإن الله تعالى يدفع بهم عدونا وعدوكم.. إلى آخره (7).
يؤمي هذا التعليل إلى اعتبار الغرض الصحيح في البيع، فتأمل، ويدل على حرمة الإعانة في الإثم.
قوله: لعدم القدرة بسببه على ذلك، وهو فساد عظيم.. إلى آخره (8).
Shafi 22
قيل: يمكن أن يقال أنه سبب لحفظ النفس، وحفظها من كل فتنة مشروع، دون حربهم، فتأمل.
أقول: فيه نظر ظاهر، لأن حفظ النفس ربما يؤدي إلى تلف النفوس المقدسة، ولا أقل من المؤمنة والمستضعفة، ويؤدي إلى الفتنة التي هي أشد من القتل، بل إلى مفاسد عظيمة، كما قال الشارح (رحمه الله).
قوله: بل جواز ذلك حين حرب إحدى الفئتين من الكفار مع الأخرى منهم، [وهو صريح في ذلك].. إلى آخره (1).
ربما يكون الظاهر من أهل الباطل هنا هم المسلمين غير الناجين، وكثيرا ما يكون فيهم مستضعفون، مع أن الأصحاب لا يحكمون بحلية قتل غير المستضعفين منهم أيضا، فتأمل.
قوله: [فكأن المبيع لا يصلح لكونه مبيعا لهم] كما في بيع الغرر (2).
فيه تأمل ظاهر.
قوله: وإجارة المساكن لوضع المحرمات.. إلى آخره (3).
قد أشرنا إلى دليل ذلك (4)، ومر في بحث حكم الحجامة أيضا ما يدل على ذلك، فلاحظ.
قوله: ويدل على الكراهة صحيحته عنه (5) أيضا.. إلى آخره (6).
Shafi 23