لقد بسط الشهيد- عبر هذه القواعد والأصول- الفقه الشيعي للغاية، وفتح امامه آفاقا رحبة وجديدة، وقدم ابتكارات كثيرة في التفريعات التحقيقية والفقهية بالشكل الذي بات فيه الفقيه الذي صنفه متميزا عما سبقه من الفقهاء. وقد عدت مصنفاته الفقهية- التي جسدت خصوصيات مدرسته الفقهية- من المصادر القيمة للفقه الشيعي.
وقد ظل العلماء على مدى قرن ونصف من أتباع مدرسته الفقهية، ورغم ما طرحوه من بعض التعديلات والآراء التجديدية آثروا شرح وبيان آرائه وأفكاره، ولم يتعدوا الإطار الذي رسمه هو (1).
وقال بعض الأساتذة المعاصرين:
وقد استحدث الشهيد الأول نظاما خاصا لجباية الخمس وتوزيع العلماء في المناطق، وكان لهذا العمل الفكري والثقافي والتنظيمي الذي نهض به الشهيد ومن خلفه من فقهاء الشيعة دور كبير في حفظ التشيع في بلاد الشام (2).
والمعروف أن الشهيد الأول (رحمه الله) هو أول من أسس هذا التنظيم الذي يربط الفقيه المتصدي بالأمة بواسطة شبكة من الوكلاء.
ونمت وتطورت مدرسة جزين بعد شهادة الشهيد (رحمه الله)، واستقطب طلبة العلم من مناطق مختلفة، وأصبح جبل عامل بفضل هذه المدرسة وجهود الشهيد مركزا للإشعاع الفكري في بلاد الشام خاصة والعالم الإسلامي عامة (3).
رغم أن الفترة الزمنية التي عاشها الشهيد لم تكن ببعيدة عن عصر المحقق والعلامة الحلي، ورغم تأثر الحوزة العلمية في الحلة يومها بالآراء التي كان يطرحها الفقيهان، فقد ظل الشهيد إلى حد كبير بعيدا عن التأثر بمدرسة هذين الفقيهين، بل على العكس، تقدم هو في الميدان وطرح ابتكاراته في منهج
Shafi 98