حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني
حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني
Bincike
يوسف الشيخ محمد البقاعي
Mai Buga Littafi
دار الفكر
Lambar Fassara
الأولى
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
Fiqihu Maliki
الذَّاتُ وَعِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ صِفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى مَعْلُومَةٌ مِنْ الشَّرْعِ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهَا مَعَ نَفْيِ الْجَارِحَةِ الْمُسْتَحِيلَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّظَرِ مَيْلُ الْحَدَقَةِ إلَى الْمَرْئِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا مُحَالٌ فِي حَقِّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ صِفَةٌ تَقُومُ بِالْمَوْصُوفِ تُوجِبُ لَهُ كَوْنُهُ رَائِيًا مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ ﷾ حَاصِلَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ حَتَّى النِّسَاءَ وَلِمُؤْمِنِي الْأُمَمِ السَّابِقَةِ.
وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ نَقَلْنَاهُ فِي الْكَبِيرِ (وَهِيَ) أَيْ الْجَنَّةُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهَا (الَّتِي أُهْبِطَ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِمَعْنَى أُنْزِلَ (مِنْهَا آدَم) بِالرَّفْعِ عَلَى الْأَوَّل وَبِالنَّصْبِ عَلَى الثَّانِي هُوَ أَبُو الْبَشَرِ، سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ آدَمَ اللَّوْنِ وَهِيَ حُمْرَةٌ تَمِيلُ إلَى سَوَادٍ، وَكُنْيَتُهُ فِي الْجَنَّةِ أَبُو مُحَمَّدٍ كَرَامَةً لِنَبِيِّنَا ﷺ كَانَ هُبُوطُهُ
ــ
[حاشية العدوي]
وَالْإِرَادَةِ. [قَوْلُهُ: مَعْلُومَةٌ مِنْ الشَّرْعِ] أَيْ عَلَى الْإِجْمَالِ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا] أَيْ مَيْلَ الْحَدَقَةِ إلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: مُحَالٌ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي الْجِهَةَ وَالْمُقَابَلَةَ، وَحَدَقَةُ الْعَيْنِ سَوَادُهَا كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.
[قَوْلُهُ: تَقُومُ بِالْمَوْصُوفِ] أَيْ الَّذِي هُوَ الْعَبْدُ أَيْ بِبَصَرِهِ. [قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ] أَيْ أَنَّ الرَّائِيَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُكَيِّفَهُ أَيْ يَصِفَهُ بِصِفَةٍ مِنْ الصِّفَاتِ كَمَا يُكَيِّفُ الْإِنْسَانُ مِنَّا غَيْرَهُ أَيْ يَذْكُرُ صِفَتَهُ [قَوْلُهُ: وَلَا تَشْبِيهَ] أَيْ يُشْبِهُهُ بِغَيْرِهِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرَوْنَهُ فِي جِهَةٍ وَلَا مُقَابَلَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ عَادِيٌّ فِي الرُّؤْيَةِ لَا عَقْلِيٌّ، فَكَمَا نَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي جِهَةٍ فَكَذَلِكَ لَا نَرَاهُ فِي جِهَةٍ. [قَوْلُهُ: وَلِمُؤْمِنِي الْأُمَمِ إلَخْ] عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: لِكُلِّ وَاحِدٍ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ لِلنِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ حَتَّى يَكُونَ بَعْضًا مِنْ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَوْ كَبَعْضٍ، وَمُؤْمِنُو الْأُمَمِ السَّابِقَةِ لَيْسُوا بَعْضًا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَا كَبَعْضٍ.
[قَوْلُهُ: وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ] أَيْ فِي النِّسَاءِ وَمُؤْمِنِي الْأُمَمِ السَّابِقَةِ أَيْ مَا عَدَا الصِّدِّيقِينَ، فَلِذَلِكَ قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: أَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّهَا حَاصِلَةٌ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ وَالصِّدِّيقِينَ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ وَرِجَالِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْبَشَرِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ اهـ.
وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ قِيلَ: إنَّ النِّسَاءَ لَا يَرَيْنَ؛ لِأَنَّهُنَّ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ، وَقِيلَ: يَرَيْنَ فِي مِثْلِ الْأَعْيَادِ، وَإِنَّ فِي مُؤْمِنِي الْأُمَمِ السَّابِقَةِ احْتِمَالَيْنِ: أَظْهَرُهُمَا: كَمَا قَالَ فِي التَّحْقِيقِ مُسَاوَاتُهُمْ لِهَذِهِ الرُّؤْيَةِ فِي الْأُمَّةِ اهـ.
وَلَكِنْ فِي التَّعْبِيرِ بِخِلَافٍ مَعَ قَوْلِهِ احْتِمَالَانِ تَنَافٍ فَتَدَبَّرْ.
وَقَالَ اللَّقَانِيُّ الْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ أَيْ الَّذِينَ يَرَوْنَهُ مَنْ اتَّصَفَ بِالْإِيمَانِ عِنْدَ الْمُوَافَاةِ سَوَاءٌ كُلِّفَ بِهِ بِالْفِعْلِ أَوْ كَانَ صَالِحًا لِلتَّكْلِيفِ بِهِ، فَدَخَلَ الْمَلَائِكَةُ وَمُؤْمِنُو الْجِنِّ وَالْأُمَمُ السَّابِقَةُ وَالصِّبْيَانُ وَالْبُلْهُ وَالْمَجَانِينُ الَّذِينَ أَدْرَكَهُمْ الْبُلُوغُ عَلَى الْجُنُونِ وَمَاتُوا عَلَيْهِ، وَمَنْ اتَّصَفَ بِالتَّوْحِيدِ مِنْ أَهْلِ الْفَتْرَةِ ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ إنَّ رُؤْيَةَ مُؤْمِنِي الْجِنِّ لِلَّهِ فِي الْجَنَّةِ لَا تُسَاوِي رُؤْيَةَ مُؤْمِنِي الْإِنْسِ لَهُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ اهـ.
ثُمَّ ذَكَرَ مَا مُحَصِّلُهُ أَنَّ الرُّسُلَ وَالْأَنْبِيَاءَ يَرَوْنَهُ فِي كُلِّ يَوْمِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ وَفِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إلَّا الصِّدِّيقِينَ كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَيَرَوْنَهُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ أَيْضًا، وَجُعِلَ ذَلِكَ التَّفَاوُتُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ فِي الْمَوْقِفِ ثُمَّ يُحْجَبُونَ إلَى أَنْ لَا يَبْقَى فِي النَّارِ مِمَّنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ فَيُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَرَوْنَهُ فِي الْجَنَّةِ، ثُمَّ لَا يُحْجَبُونَ بَعْدَ ذَلِكَ أَصْلًا وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ رُجُوعٌ إلَى حَالِ الشُّعُورِ بِلَذَّاتِهِمْ فَهُمْ مُشَاهِدُونَ بِمَعْنَى لَا سَاتِرَ لَهُمْ، وَإِنْ جَذَبَتْهُمْ الطَّبَائِعُ الْبَشَرِيَّةُ بِخَلْقِهِ تَعَالَى وَتَمْكِينِهِ إلَى مَأْلُوفَاتِهَا فَيَكُونُونَ فِي كُلِّ حَالٍ مُشَاهِدِينَ وَبِكُلِّ جَارِحَةٍ نَاظِرِينَ، وَمُرَادُهُ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيُّ: بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ، وَافَقَهُ الشَّعْرَانِيُّ حَيْثُ نَقَلَ عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّ رُؤْيَةَ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ فِي الْجَنَّةِ تَكُونُ بِجَمِيعِ الْأَجْزَاءِ الْبَدَنِيَّةِ.
وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهَا تَكُونُ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْوَجْهِ، وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ بَعْضُهُمْ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُتَكَلِّمِينَ: يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ بِالْأَبْصَارِ اقْتِصَارٌ عَلَى إعَادَةِ مَا هُوَ مَحَلُّ الرُّؤْيَا، وَبَيَانٌ لِمَا هُوَ الْمَأْلُوفُ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّقَانِيُّ.
[قَوْلُهُ: وَهِيَ حُمْرَةٌ] أَيْ الْأَدَمَةُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْ آدَمَ، وَرَدَ ذَلِكَ بِمَا مُحَصِّلُهُ أَنَّهُ كَانَ بَارِعًا فِي الْجَمَالِ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَكُنْيَتُهُ فِي الْجَنَّةِ أَبُو مُحَمَّدٍ] وَوَرَدَ «لَا يُدْعَى أَحَدٌ فِي الْجَنَّةِ إلَّا بِاسْمِهِ إلَّا آدَم، فَإِنَّهُ يُكْنَى» أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى ابْنِ الْجَوْزِيِّ
1 / 85