93

Hashiyat al-‘Attar ‘ala Jam‘ al-Jawami‘

حاشية العطار على جمع الجوامع

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

Usul al-Fiqh
فَحَرَامٌ كَالظُّلْمِ أَوْ تَرْكُهُ فَوَاجِبٌ كَالْعَدْلِ أَوْ عَلَى مَصْلَحَةٍ فِعْلُهُ فَمَنْدُوبٌ كَالْإِحْسَانِ أَوْ تَرْكُهُ فَمَكْرُوهٌ وَإِنْ لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى مَصْلَحَةٍ أَوْ مَفْسَدَةٍ فَمُبَاحٌ.
(فَإِنْ لَمْ يَقْضِ) الْعَقْلُ فِي بَعْضٍ مِنْهَا لِخُصُوصِهِ بِأَنْ لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ شَيْئًا مِمَّا تَقَدَّمَ كَأَكْلِ الْفَاكِهَةِ فَاخْتُلِفَ فِي قَضَائِهِ فِيهِ لِعُمُومِ دَلِيلِهِ
ــ
[حاشية العطار]
وَقَوْلُهُ أَوْ تَرْكُهُ) مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَلَعَلَّ نُكْتَةَ تَقْدِيمِ الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ عَلَى الْفَاعِلِ مُرَاعَاةُ قُرْبِ الْمَعْطُوفِ عَلَى الْفَاعِلِ مِنْهُ الَّتِي هِيَ أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ قُرْبِ الْمَعْطُوفِ عَلَى الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عُمْدَةٌ بِخِلَافِ الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ وَبَقِيَ أَنَّ الضَّمِيرَ الْمُضَافَ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ فِعْلُهُ عَائِدٌ لِلْفِعْلِ فَيَلْزَمُ إضَافَةُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُضَافَ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَالْمُضَافَ إلَيْهِ بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ فَتَغَايَرَا أَوْ لَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَسَبَ هُنَا الْمَفْسَدَةَ وَالْمَصْلَحَةَ إلَى الْفِعْلِ الْمُضَافِ مَعَ أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْحُكْمِ الْفِعْلُ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ خَارِجًا لِاتِّحَادِهِمَا خَارِجًا أَوْ بِجَعْلِ الْفِعْلِ الْمُضَافِ بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيَّ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ نَاشِئٌ عَنْ الثَّانِي فَتَظْهَرُ النِّسْبَةُ وَأُورِدُ أَيْضًا أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ التَّقْسِيمِ أَنْ تَتَقَابَلَ الْأَقْسَامُ فِيهِ وَالْقِسْمُ الْمُسَمَّى بِالْمَنْدُوبِ صَادِقٌ بِالْمُسَمَّى بِالْوَاجِبِ لِاشْتِمَالِ فِعْلِهِ أَيْضًا عَلَى مَصْلَحَةٍ وَالْمُسَمَّى بِالْمَكْرُوهِ صَادِقٌ بِالْمُسَمَّى بِالْحَرَامِ لِاشْتِمَالِ تَرْكِهِ أَيْضًا عَلَى مَصْلَحَةٍ فَقَدْ لَزِمَ فِي هَذَا التَّقْسِيمِ جَعْلُ الشَّيْءِ قَسِيمًا لَهُ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ حَذَفَ مِنْ تَعْرِيفِ كُلٍّ مِنْ الْمَنْدُوبِ وَالْمَكْرُوهِ قَيْدًا يُسْتَفَادُ مِنْ مُقَابِلِهِ؛ لِأَنَّ وَصْفَ أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ بِشَيْءٍ فِي مَقَامِ تَمْيِيزِهِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي اخْتِصَاصِهِ بِهِ وَانْتِفَائِهِ عَنْ الْمُقَابِلِ الْآخَرِ وَالْمَحْذُوفُ لِقَرِينَةٍ كَالثَّابِتِ فَقَوْلُهُ فِي تَعْرِيفِ الْمَنْدُوبِ أَوْ عَلَى مَصْلَحَةٍ فِعْلُهُ أَيْ وَلَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى مَفْسَدَةٍ تَرْكُهُ بِقَرِينَةِ مُقَابَلَتِهِ لِمَا قَبْلَهُ فَخَرَجَ الْوَاجِبُ وَقَوْلُهُ فِي تَعْرِيفِ الْمَكْرُوهِ أَوْ تَرْكُهُ أَيْ وَلَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى مَفْسَدَةٍ تَرْكُهُ بِقَرِينَةِ مَا ذُكِرَ فَخَرَجَ الْحَرَامُ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْضِ الْعَقْلُ إلَخْ) هَذَا سَلْبٌ جُزْئِيٌّ لَا كُلِّيٌّ؛ لِأَنَّ لَيْسَ بَعْضُ صُوَرِ السَّالِبَةِ الْجُزْئِيَّةِ فَالْقَضِيَّةُ سَالِبَةٌ جُزْئِيَّةٌ لَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ مِنْ الْعُمُومِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ نَكِرَةٌ وَقَعَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ لَفْظَ الْبَعْضِ رَجَعَ لِلسَّلْبِ الْجُزْئِيِّ (وَقَوْلُهُ لِخُصُوصِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَقْضِ أَيْ فَإِذَا انْتَفَى قَضَاؤُهُ مِنْ جِهَةِ الْخُصُوصِ لَا يَنْتَفِي قَضَاؤُهُ مِنْ جِهَةِ الْعُمُومِ فَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ الشَّرْطِ وَهُوَ انْتِفَاءُ الْقَضَاءِ وَحِكَايَةِ الْخِلَافِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْقَضَاءِ فَقَوْلُهُ لِخُصُوصِهِ دَفْعٌ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ التَّنَاقُضِ الْمَذْكُورِ وَلَا تَنَاقُضَ أَيْضًا بَيْنَ مَا هُنَا وَقَوْلِهِ سَابِقًا وَحَكَّمَتْ الْمُعْتَزِلَةُ الْعَقْلَ؛ لِأَنَّ الْقَضِيَّةَ مُهْمَلَةٌ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ أَوْ بِاسْتِعَانَةِ الشَّرْعِ فِيمَا خَفِيَ عَلَى الْعَقْلِ فَإِنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْعَقْلَ لَا يَحْكُمُ فِي بَعْضِ الْأَفْعَالِ اسْتِقْلَالًا وَالْمُوجَبَةُ الْمُهْمَلَةُ لَا تُنَاقِضُ السَّالِبَةَ الْجُزْئِيَّةَ.
وَأَمَّا مَا أُجِيبَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْعَقْلَ قَاضٍ فِي الْجَمِيعِ إلَّا أَنَّهُ تَارَةً يَقْضِي لِلْخُصُوصِ بِحُكْمٍ مُعَيَّنٍ بِأَنْ أَدْرَكَ مَصْلَحَةً أَوْ مَفْسَدَةً أَوْ انْتِفَاءَهُمَا وَتَارَةً لَا يَقْضِي لِخُصُوصِهِ بِأَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَا ذُكِرَ بَلْ لِعُمُومِ دَلِيلِهِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي حَمْلَ قَوْلِهِ

1 / 94