مسلم.
(وصحبه) وهو اسم جمع لصاحب بمعنى الصحابي، وهو من اجتمع مؤمنات بنبينا صلى الله عليه واله وسلم ولو أعمى وغير مميز.
(الفائزين برضا الله) تعالى، صفة لمن ذكر.
(وبعد) أي بعدما تقدم من البسملة والحمدلة والصلاة والسلام على من ذكر، (فهذا) المؤلف الحاضر ذهنا (مختصر) قل لفظه وكثر معناه من الاختصار (في الفقه) هو لغة: الفهم.
واصطلاحا: العلم بالاحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية.
واستمداده من الكتاب والسنة والاجماع والقياس.
وفائدته
ــ
يفيد تخصيص المؤمن بغير العاصي إلا أن يراد بالتقي التقي عن الشرك، وهو أول مراتب التقوى.
(قوله أي في مقام الدعاء ونحوه) المشتهر أن هذا القيل خاص بمقام الدعاء، ومحل الخلاف عند عدم القرينة، والا فسر بما يناسبها.
قال العلامة الصبان: وما اشتهر من أن اللائق في مقام الدعاء تفسير الآل بعموم الأتباع، لست أقول بإطلاقه، بل المتجه عندي التفصيل.
فإن كان في العبارة ما يستدعي تفسير الآل بأهل بيته حمل عليهم، نحو: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل محمد الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا.
وما يستدعي تفسير الآل بالأتقياء حمل عليهم، نحو: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل محمد الذين ملأت قلوبهم بأنوارك وكشفت لهم حجب أسرارك.
فإن خلت مما ذكر حمل على الأتباع، نحو: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل محمد سكان جنتك وأهل دار كرامتك.
(قوله: اسم جمع) أي لأجمع، لأن صيغة فعل ليست من أوزان الجموع، وهذا هو التحقيق.
وقال الأخفش: إنه جمع لصاحب كركب وراكب.
(قوله: بمعنى الصحابي) إنما قال ذلك لأن الصاحب هو من طالت عشرته، والصحابي لا يشترط فيه ذلك.
ح ل بجيرمي.
(قوله: وهو) أي الصحابي.
(وقوله: من اجتمع مؤمنا إلخ) أي بعد البعثة في حال حياته اجتماعا متعارفا ببدنه ولو لحظة، ومات على الإيمان، سواء روى عنه شيئا أم لا.
(قوله: فهذا المؤلف الحاضر ذهنا) فالإشارة إلى الألفاظ المرتبة المجتمعة المستحضرة
ذهنا لكن على طريق المجاز لا الحقيقة، لأن اسم الإشارة موضوع للمشار إليه المسحوس بحاسة البصر.
(قوله: قل لفظة وكثر معناه) ولذلك قال بعضهم: الكلام يختصر ليحفظ ويبسط ليفهم.
وقد اختلفت عباراتهم في تفسير المختصر مع تقارب المعنى.
فقيل: هو رد الكلام إلى قليله مع استيفاء المعنى وتحصيله.
وقيل: هو الإقلال بلا إخلال.
وقيل: تكثير المعاني مع تقليل المباني.
وقيل: حذف الفضول مع استيفاء الأصول، وقيل: تقليل المستكثر وضم المنتشر.
(قوله: هو لغة: الفهم) أي مطلقا، لما دق وغيره.
وقيل: فهم ما دق.
(قوله: واصطلاحا: العلم بالأحكام) المراد بها هنا النسب التامة، كثبوت الوجوب للنية في الوضوء في قولنا: النية في الوضوء واجبة، وثبوت الندب للوتر في قولنا: الوتر مندوب، وهكذا.
وخرج بالعلم بها العلم بالذوات، كتصور إنسان فلا يسمى فقها.
(وقوله: الشرعية) خرج بها العلم بالأحكام العقلية، كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين.
والشرعية نسبة للشرع بمعنى الشارع، وهو الله تعالى أو النبي ﷺ.
(وقوله: العملية) خرج به العلم بالأحكام الشرعية الاعتقادية، كثبوت الوجوب للقدرة في قولنا: القدرة واجبة لله تعالى، وهكذا بقية الصفات.
وهذا يسمى علم الكلام وعلم التوحيد.
والمراد بالعملية المتعلقة بكيفية عمل، ولو كان قلبيا كالنية، فالصلاة في قولنا: الصلاة واجبة عمل، وكيفيته - أي صفته - الوجوب، والحكم هو ثبوت الوجوب للصلاة.
والنية في قولنا: النية في الوضوء واجبة: عمل قلبي، وكيفيتها الوجوب، والحكم هو ثبوت الوجوب للنية.
(وقوله: المكتسب)، خرج به علم الله، وعلم جبريل على القول بأنه غير مكتسب بل ضروري خلقه الله فيه، والحق أن علم جبريل مكتسب يكتسبه من اللوح المحفوظ.
(وقوله: من أدلتها) خرج به علم المقلد، فهو مستفاد من قول الغير لا من أدلة الأحكام.
(وقوله: التفصيلية) الحق أنه لبيان الواقع لا للاحتراز، وكيفية الأخذ من الأدلة التفصيلية أن تقول: أقيموا الصلاة، أمر، والأمر للوجوب.
ينتج: أقيموا الصلاة للوجوب.
ولا تقربوا الزنا: نهي، والنهي للتحريم، ينتج: لا تقربوا الزنا للتحريم، وهكذا.
واعلم أنه يتأكد لكل طالب فن قبل شروعه فيه أن يتصوره بوجه ما ولو باسمه، لاستحالة توجه النفس نحو المجهول المطلق، والأحسن أن يتصوره بتعريفه ليكون على بصيرة في طلبه، وأن يعرف موضوعه ليمتاز عن غيره أتم تمييز، وأن يعرف
1 / 21