قلت: الدليل على تعينه قوله: " ويوحدوه بالإلهية " والفقر التي قبلها؛ فإن أول كل فقرة مقابل في آخرها بالضد، وضد التوحيد بالإلهية جعل الشريك له، ويلزمه منع حقه من التوحيد، فهو دليل عليه، ولك أن تجعله من باب جعل الفعل مطلقا كناية عنه متعلقا بمفعول مخصوص دلت عليه قرينة كما قالوه في بيت البحتري:
شجو حساده وغيظ عداه * أن يرى مبصر ويسمع واع. (1) فإنا إذا أثبتنا للخلق منع الخالق لا يتصور إلا بذلك المنع الخاص؛ إذ لا قدرة لهم على سواه كما أنه إذا رأى مبصر أو سمع واعي (2) لم ير إلا آثاره الحسنة ولم يسمع إلا أخباره الجميلة بادعاء الشاعر.
* قوله: بمناهج ودواع أسس للعباد أساسها [ص 4] " المناهج " جمع منهج، وهو الطريق الواضح، والدواعي جمع داعية بمعنى الداعي، والتاء فيه للمبالغة كالراوية، يقال: أبو معاذ راوية بشار، وأبو مسلم داعية بني العباس، والمراد بالمناهج والدواعي هنا الأئمة الاثنا عشر صلوات الله عليهم، وعنى بتأسيس أساس تلك المناهج ورفع أعلام منارها للعباد النصوص الواردة منه صلوات الله عليه بإمامتهم كنصبه يوم الغدير ونحوه.
حاشية أخرى: وإنما أرجعنا ضمير " أساسها " و " أعلامها " للمناهج والدواعي والمنار ولم نرجعه إلى سبيل الهدى وهي شريعة الإسلام - مع أن التجوز في تأسيس الأساس ورفع الأعلام هنا أقرب منه على الأول، والسبيل مؤنث سماعي - لأمرين:
أحدهما قرب المرجع، والثاني أن جملة " أسس " على تقدير عود الضمير إلى السبيل إما صفة لها، أو حال من المستتر في " دلهم " وفي كل مانع.
أما الأول فإن " سبيل الهدى " معرفة فلا توصف بالجملة، ولام " الهدى " للعهد الخارجي، أعني شريعة الإسلام.
Shafi 34