معانيها بغيرها ليظهر بطلان تلك الدعوى، فنقول ومن الله العصمة: اعلم أنه لم يرد بالضد هنا معناه المصطلح، بل الأعم منه ومن مطلق التقابل؛ بل التخالف، فالإيمان عبارة عن التصديق بما علم مجيء النبي (عليه السلام) به بالضرورة، أعني قبول النفس له والإذعان به من غير جحود ولا إباء مع الإقرار به باللسان، والكفر عدم الإيمان عما من شأنه ذلك، سواء كان معه جحود أم لا، فهما ضدان بالمعنى المذكور وإن كان بينهما تقابل العدم والملكة اصطلاحا، والتصديق المقابل بالجحود هو الإذعان والانقياد لأوامر الله سبحانه ونواهيه ولا بشرط مقارنة الإقرار باللسان له، فتغاير الإيمان، والجحود إنكار الشيء مع العلم به فغاير الكفر، هذا إن حملناه على معناه المشهور، وإن خصصناه وزدنا مع اعتقاد إمامة الأئمة الاثني عشر " ع " كما جاءت به الأخبار عنهم (عليهم السلام) فالاندفاع أظهر.
وأما الرأفة والرحمة فالرأفة أشد الرحمة فهي أخص، والغضب ثوران القوة السبعية لإرادة الانتقام، والسخط أن لا يرى الإنسان أنعم الله سبحانه عليه واقعة موقعا (1) فتغايرا.
والقصد استقامة طريق الشخص فيها [ف] يختص به من الأعمال التي لا يتعدى أثرها إلى غيره، والعدوان عدم تلك الاستقامة والعدل استقامة الطريق مطلقا والجور مقابله؛ ولهذا تراهم ينسبون العدل والجور للملوك، فغاير القصد العدل والجور العدوان.
وأما كبر كعنب فهو مصدر كبر ككرم فهو كبير ويلزمه العز فهو ضد تواضع، أي تذلل، وأما تطاول بمعنى امتد وارتفع وتفضل فهو ضد الخضوع والانخفاض، فتغاير الكبر والتطاول لدلالة صيغة الثاني على قصد المعنى دون الأول، وكذا التواضع والخضوع لمثل ما ذكر.
Shafi 43