Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Nau'ikan
أو بإضمار أعني أو بالاستثناء إن فسر النعم بما يعم القبيلين. والغضب ثوران النفس إرادة الانتقام فإذا أسند إلى الله تعالى أريد به المنتهى والغاية على ما مر. وعليهم في محل الرفع لأنه نائب مناب الفاعل بخلاف الأول، ولا مزيدة لتأكيد ما في غير من معنى النفي، عليهم ونساء أنعمت عليهن، فظهر أن الضمير المجرور في أنعمت عليهم منصوب المحل على أنه مفعول به للفعل المذكور وفي المغضوب عليهم مرفوع المحل على أنه قائم مقام الفاعل لاسم المفعول، وأن قولهم إن الجار والمجرور في مثله في محل النصب والرفع مساهلة في العبارة اعتمادا على ظهور المراد. وبهذا التحقيق يندفع ما يقال من أن الجار والمجرور في مثل المغضوب عليهم كيف يصح أن يقوم مقام الفاعل ويسند إليه اسم المفعول مع أن الإسناد إليه من خواص الاسم والجار مع المجرور ليس باسم؟ نعم إذا وقع الجار والمجرور خبر مبتدأ نحو زيد في الدار يعتبر المجموع لأنه الواقع موقع عامله الذي هو حصل أو حاصل. قوله: (أو بإضمار أعني) عطف على قوله: «على الحال» وهو مبني على أن يكون المراد بالذين أنعمت عليهم المؤمنين الكاملين إذ لو أريد بهم من حصل له التصديق المجرد لما صح تعبيره بأعني.
قوله: (أو بالاستثناء إن فسر النعم بما يعم القبيلين) أي إن فسر قوله: أنعمت عليهم بما يعم المؤمنين والكافرين ليصح إخراج المغضوبين والضالين منهم فإن الأصل في الاستثناء الاتصال وهو إنما يكون بدخول المستثنى في المستثنى منه ولم يتعرض لحمل الاستثناء على الانقطاع لأنه يتضاعف ارتكاب خلاف الظاهر حينئذ فإن حمل غير على الاستثناء لا يخلو عن بعد ثم حمل الاستثناء على الانقطاع بعد على بعد فإن الأصل في غير أن يوصف به وإنما يستثنى به حملا على إلا كما يوصف بإلا حملا على غير. قوله: (ثوران النفس) أي غليان دم القلب وهيجانه فإن النفس قد تستعمل بمعنى الدم كما يقال سالت نفسه. وفي الحديث: «ما ليس له نفس سائلة فإنه لا ينجس الماء إذا مات فيه». والمراد بالانتقال العقوبة والإيلام للمغضوب عليهم. قوله: (وعليهم في محل الرفع) يريد أن الضمير المجرور بكلمة «على» في عليهم الثاني في محل الرفع بأنه قائم مقام فاعل المغضوب ولا ضمير في المغضوب بل هو مسند إلى الضمير المجرور لا إلى مجموع الجار والمجرور لأنه ليس باسم والإسناد إليه من خواص الاسم، والضمير المجرور في عليهم الأول منصوب المحل بأنعمت كما مر. ومن لطائف هذا التعبير أن العبد خاطب الله تعالى عند ذكر النعمة وصرح بإسناد النعمة إليه تقربا منه بذكر نعمته ولما صار إلى ذكر الغضب عدل إلى الغيبة ولم يصرح بإسناد الغضب إليه أدبا منه كأنه قال: أنت ولي الإنعام وهو الفائض من جنابك وهؤلاء يستحقون أن يغضب عليهم. قوله: (ولا مزيدة لتأكيد ما في غير من معنى النفي)
Shafi 104