410

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Nau'ikan

استحق الثواب، وذلك يستدعي أن يخوف هؤلاء ويبشر هؤلاء. وإنما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أو عالم كل عصر أو كل أحد يقدر على البشارة بأن يبشرهم، ولم يخاطبهم بالبشارة كما بالشرط المذكور بهذا الوجه صح عطف أحدهما على الآخر. وبيان كون ما ذكره المصنف جوابا عن الوجه الثاني من وجهي الضعف أن ما ذكر إنما يلزم إذا كان المخاطب بأحد الأمرين مغايرا للمخاطب بالآخر صورة ومعنى وههنا ليس كذلك بل هما متحدان معنى، فإن المراد «بالذين آمنوا» هم الذين عجزوا عن المعارضة فتيقنوا بإعجاز القرآن وصدقوا مبلغه فآمنوا به، كما أشار إليه المصنف بقوله: «ولم يخاطبهم بالبشارة» أي ولم يخاطب الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الذين عجزوا عن المعارضة فتيقنوا بإعجاز القرآن وصدق مبلغه فآمنوا به بالبشارة كما خاطب الكفرة منهم بالإنذار والوعيد فإنه يدل على أن المخاطب بالأمر الثاني في المعنى هم الذين عجزوا عن المعارضة واستبان الحق عندهم خاطبهم ليستبشروا بما ذكر بشرط إيمانهم وإتيانهم بالأعمال الصالحة كما خاطبهم باستحقاق العقاب بشرط عنادهم.

إلا أنه عدل عن خطابهم في الأمر الثاني إلى خطاب النبي صلى الله عليه وسلم تفخيما لشأن المؤمنين بتغيير أسلوب الكلام في شأنهم تنبيها على أنهم أحقاء لأن يبشرهم سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم أو يبشرهم عالم كل عصر أو كل أحد يقدر على البشارة ويهنئهم بما أعد لهم من الملك العظيم والنعيم المقيم، ولما كان الخطاب بالأمرين واحدا في المعنى صح عطف الثاني على الأول بدون التصريح بالنداء. ولم يتعرض السكاكي في «المفتاح» لعطف القصة على القصة وجعل قوله تعالى: وبشر معطوفا على «قل» مقدرا قبل قوله تعالى: يا أيها الناس اعبدوا ربكم أي قل كذا وكذا وبشر المؤمنين، ويرد عليه أن قوله تعالى: وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا لا يصلح أن يكون مقالة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يتعسف بما ذكره السكاكي وهو قوله: فكأنه تعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يؤدي معنى هذا الكلام بعبارة نفسه أو يقول مثلا: وإن كنتم في ريب مما نزل الله علي فأتوا الخ». واختار صاحب «الإيضاح» أن يكون معطوفا على مقدر بعد أعدت أي فانذر الذين كفروا بتلك النار وبشر الذين آمنوا. وهذا أحسن ما قيل ههنا بعد الوجه المختار وهو كونه من قبيل عطف القصة على القصة.

قوله: (وإنما أمر الرسول أو عالم كل عصر الخ) إشارة إلى جواب ما يقال من أن ما ذكر في توجيه عطف الأمر الثاني على الأول وبيان وجه ارتباط كل واحد منهما بالشرط السابق يستدعي أن يخاطب المستحقون للثواب بأن يبشروا بذلك كما خوطب الكفار بأن يهددوا بالعقاب، فلم عدل على ذلك إلى أن يؤمر غيرهم بأن يبشرهم بذلك؟ وتقرير الجواب أن فيه فائدتين: الأولى تفخيم شأنهم بأن يتغير أسلوب المعاملة معهم عن أسلوب المعاملة مع أضدادهم، فإن تغيير أسلوب الوعد عن أسلوب الوعيد له مدخل في الدلالة على تباعد

Shafi 416