Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Nau'ikan
إن كنتم صادقين (23) أنه من كلام البشر وجوابه محذوف دل عليه ما قبله. والصدق الأخبار المطابق. وقيل: مع اعتقاد المخبر أنه كذلك عن دلالة أو إمارة وعبدتها فمقابلهم إنما هم المؤمنون الذين هم أولياء الله تعالى وعباده، كما أنه تعالى ذكر في مقابلة أصنامهم في الوجه الأول. والمعنى ادعوا قومكم المعروفين بالذب عنكم في مهماتكم ليشهدوا لكم أنكم متمكنون من معارضة القرآن وأن ما تأتون به مثله فإنا رضينا بشهادتهم، إن شهدوا بذلك وهم لا يشهدون لكم لأن العاقل لا يرضى لنفسه أن يشهد بصحبة ما اتضح فساده بأن اختلاله. والمقصود بهذا الأمر إرخاء العنان والتدرج إلى غاية التبكيت والإلزام إشارة إلى أن إعجاز القرآن بلغ من الظهور إلى حيث لا يمكن لأحد أن ينكره منصفا كان أو مكابرا. والظرف مستقر أي الذين يشهدون لكم متجاوزين في ذلك أولياء الله تعالى و «من» ابتدائية.
قوله: (إن كنتم صادقين أنه من كلام البشر) أي في دعوى أنه من كلام البشر وأنكم تقدرون على إتيان مثله، كما حكى الله تعالى عنهم من قولهم: لو نشاء لقلنا مثل هذا.
قوله: (وجوابه محذوف) وهو «فافعلوا ذلك» أي فأتوا بمثله حذف اعتمادا على دلالة ما قبله عليه وهو جواب الشرط الأول، أعني قوله: «فأتوا» أي إن كنتم صادقين فيما زعمتم فأتوا بسورة مماثلة ما نزلنا فإنه لو جاء به فرد من أفراد البشر من قبله ومن عند نفسه لوجب أن تكونوا قادرين على إتيان مثله لا سيما عند استعانتكم بأعوانكم. ومن المعلوم أنه لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، وأن كون المتحدي معجزا دليل قطعي على أن المنزل عليه صادق في دعوى النبوة. وليس قوله تعالى: فأتوا بسورة جوابا للشرطين على سبيل التنازع لأن البصريين لا يجوزون تقدم الجزاء على الشرط ويجعلون ما تقدم عليه دليل الجزاء بخلاف الكوفيين فإنهم يجوزون تقدمه عليه. قوله: (والصدق الأخبار المطابق) عرف صدق المتكلم لأن الواقع في الآية الصدق الذي هو صفة المتكلم أي صدق المتكلم هو إخباره عن الشيء بأنه كذا، إخبارا مطابقا لحال المخبر عنه في الواقع بأن تكون النسبة الذهنية المدلولة من الكلام مطابقة للنسبة القائمة بين الطرفين في الواقع، ويعلم منه أن كذب المتكلم هو الإخبار عن الشيء على الوجه الذي لا يطابق حال المخبر عنه في الواقع هذا عند الجمهور. فإن المطابقة المعتبرة في مفهوم الصدق عندهم إنما هي بالنسبة إلى الواقع بخلاف النظام، فإن المعتبر عنده المطابقة لاعتقاد المخبر ولا واسطة بين الصدق والكذب عندهما. قوله: (وقيل) أي قال الجاحظ: صدق المتكلم إخباره عن الشيء بأنه كذا إخبارا مطابقا لحال المخبر عنه في الواقع مع اعتقاد المخبر أيضا بأن يعتقد أن الإخبار عنه بذلك مطابق لما هو عليه في الواقع، كقول المخبر: الواحد نصف
Shafi 402