Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Nau'ikan
حضروه. ومعنى دون أدنى مكان من الشيء ومنه تدوين الكتب لأنه إدناء البعض من البعض، ودونك هذا أي خذه من أدنى مكان منك ثم استعير للرتب. فقيل: زيد دون قيل له شهيد لأنه حضر أي تيقن وتبين ما يرجوه من النعيم الدائم الأبدي فيكون من الحضور بالذات. لكن الشهيد حينئذ يكون بمعنى المشهود ولا بأس لأن المقصود وجود معنى الحضور وقد حصل.
قوله: (ومعنى دون أدنى مكان من الشيء) أي أقرب مكان من الشيء الذي أضيف إليه لفظ «دون» فإذا قلت: زيد دون عمر وكان معناه أنه في مكان هو أقرب الأمكنة من عمرو، فإن أدنى اسم تفضيل من دنوت منه «دنوا» أي قربت منه فهو دني أي قريب، فهو مبني من الفعل المعتل اللام لا من المهموز اللام. بخلاف الدنيء والدانىء بمعنى الخبيث الذي لا خير فيه فإنه مأخوذ من الفعل المهموز اللام يقال: دنأ الرجل يدنأ دناءة أي صار دنيئا لا خير فيه. وذكر في الصحاح: أن الدون نقيض الفوق فهو ظرف مكان، والدون الحقير الخسيس فهو مشترك بين نفس المكان المنحط الأسفل أو التمكن فيه، وبين المنحط النازل بحسب القدر والرتبة المعنوية وهو معتل العين. واعتبر المصنف وصاحب الكشاف رحمهما الله في مفهوم الدون زيادة القرب المكاني حيث فسراه بأدنى مكان من الشيء وهو بناء التفضيل، ولم يصرح المصنف بكون ذلك المكان الأقرب نازلا منحطا عن مكان ذلك الشيء. إلا أن المصنف أشار إليه بقوله: «ثم استعير للرتب فقيل زيد دون عمرو» من غير أن يقصد بيان أقربية مكان زيد من عمرو فضلا عن كون ذلك المكان الأقرب أنزل من مكان عمرو بل يقصد بيان تفاوت مرتبتهما وأن زيدا أنزل من عمر وفي الشرف. ووجه الإشارة أنه جعل إطلاق لفظ «دون» على المنحط في الرتبة المعنوية منبئا بشبهه بالمنحط في الرتبة المكانية فدل ذلك على أن الانحطاط في الرتبة المكانية معتبر في المفهوم الحقيقي للفظ «دون» كما يعتبر فيه زيادة القرب. وذكر في الحواشي الشريفية: أن لفظ «دون» في أصله للتفاوت في الأمكنة يقال: لمن هو أنزل مكانا من الآخر هو دون ذلك، فهو ظرف مكان مثل «عند» إلا أنه ينبىء عن دنو أكثر وانحطاط قليل. وأشار صاحب الكشاف إلى الثاني بقوله: إذا كان أحط منه قليلا يعني في المكان، وإلى الأول بقوله: أدنى مكان من الشيء. فوجب أن يكون قول المصنف: «هو أدنى مكان من الشيء» بمعنى أقرب مكان منه بحيث يكون أنزل من مكانه قليلا. واعتبر معنى الدنو في لفظ «دون» في جميع ما أخذ منه لتناسبهما من حيث المعنى وتوافقهما في الحروف الأصول، وإن تخالفا في ترتيبها من حيث إن أحدهما أجوف والآخر معتل اللام وليس أحدهما مقلوبا من الآخر لاستوائهما في التصرف، وهو يوجب أن يكون كل واحد منهما لغة أصلية. قوله: (ثم استعير) عطف على قوله: «ومعنى دون أدنى
Shafi 397