346

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Nau'ikan

مقدار قوته أو على مقدار ما تقتضيه مشيئته. وفيه دليل على أن الحادث حال حدوثه والممكن حال بقائه مقدوران وأن مقدور العبد مقدور الله تعالى لأنه شيء وكل شيء مقدور لله تعالى. والظاهر أن التمثيلين من جملة التمثيلات المؤلفة وهو أن يشبه كيفية منتزعة من مجموع تضامت أجزاؤه وتلاصقت حتى صارت شيئا واحدا بأخرى مثلها كقوله تعالى: مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها [الجمعة: 5] الآية فإنه تشبيه حال قوله: (وفيه دليل) أي وفي قوله تعالى: إن الله على كل شيء قدير دليل على كل واحد من المطالب الثلاثة. فإن قوله: «لأنه شيء وكل شيء مقدور» بيان لوجه دلالته على كل واحد منها على سبيل البدل فإن كل واحد من المحدث حال حدوثه والممكن حال بقائه، ومقدور العبد شيء وكل شيء مقدور لله تعالى بهذه الآية فينتج أن كل واحد منها مقدور لله تعالى وما يقال من أن الحادث حال حدوثه موجود لا محالة، وكذلك الممكن حال بقائه فكيف يكونان مقدورين وتعلق القدرة بالموجود تحصيل الحاصل وهو محال، فإن القدرة هي الصفة المؤثرة على وفق الإرادة وتأثيرها الإيجاد وإيجاد الموجود محال؟

فجوابه أن المحال إيجاد الموجود بوجود سابق وهو غير لازم لأن وجود المحدث حال حدوثه هو الوجود الحادث له بهذا الإيجاد لا وجود سابق عليه، وكذا وجود الباقي في حال بقائه فكما أن أصل وجوده الحاصل له في أول زمان حدوثه فائض عليه من الفاعل المؤثر الحقيقي فكذا دوام وجوده وبقاؤه فيما بعده من الأزمنة حاصل له بإيجاد الفاعل أيضا ففي أي حين انقطع استفادته الوجود منه يصير معدوما. فالممكن في كل زمان من أزمنة وجوده موجود بوجود فائض عليه في ذلك الزمان من الموجد فاللازم من كون الممكن حال بقائه مقدورا كونه تعالى موجدا له بوجود هو أثر ذلك الإيجاد. قوله:

(والظاهر أن التمثيلين) وهما قوله تعالى: مثلهم كمثل الذي استوقد نارا وقوله: أو كصيب الآية واختار كونهما من جملة التمثيلات المركبة دون المفرقة التي يتكلف فيها لكل واحد واحد من الأشياء المشبهة بشيء يقدر شبهه به كما قال صاحب الكشاف، فإنه القول الصحيح الذي عليه علماء البيان والقول الفحل والمذهب الحري كما ذكره في «الحواشي السعدية» وهو قوله: فإن قلت: لم كان هذا هو القول الفحل والمذهب الحري ؟

قلت: لأنه يحصل في النفس من هيئة المركبات ما لا يحصل من التصور المفردات وإن شئت فتأمل حال من أخذتهم السماء بالمطر المتتابع مع تكاثف ظلمة الليل وتواتر الرعد القاصف والبرق الخاطف والصاعقة المحرقة ولهم في أثناء ذلك اضطراب خوف الهلاك أين ذلك من تشبيه الدين بالمطر والشبهة بالظلمة والوعد والوعيد بالرعد والبرق ومن تضمن إفادة هذا التشبيه المفرق ما أفاده التشبيه السابق وهو التشبيه المركب. قوله: (فإنه تشبيه حال

Shafi 352