320

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Nau'ikan

ألسنتهم ويبصروا الآيات بأبصارهم جعلوا كأنما ايفت مشاعرهم وانتفت قواهم. كقوله:

صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به ... وإن ذكرت بشر عندهم أذنوا

وكقوله:

أصم عن الشيء الذي لا أريده ... وأسمع خلق الله حين أريد

«وألسنتهم» مفعول «ينطقوا» وقوله: «جعلوا» جواب «لما». والمشاعر بمعنى آلات الشعور إن كان جمع «مشعر» بكسر الميم، وبمعنى محال الشعور أن كان جميع «مشعر» بفتح الميم.

قوله: (وانتفت قواهم) عطف على قوله: «أيفت مشاعرهم» على طريق عطف العام على الخاص فإن القوة تتناول قوة النطق والتكلم ولا تتناولها المشاعر لأنها ليست من المشاعر.

والصم جمع أصم وهو من أختلت قوته السامعة . والبكم جمع أبكم وهو الأخرس المعتقل اللسان وأصله فيمن يولد أخرس. والعمى جمع أعمى وهو فاقد البصر أيضا. وهم وإن كانت قواهم سليمة إلا أنهم شبهوا بمن انتفت قواه من حيث إن قواهم لا يترتب عليها الفائدة المترتبة على القوى السليمة وتنزيل وجود الشيء منزلة عدمه بناء على فوات فائدة وجوده شايع كثير. ولما كان الواجب على المكلف أولا أن يستمع كلام رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم وزاده فضلا وشرفا لديه وأن يتفكر بنور بصيرته في منفعة قبوله ومضرة الإعراض عنه ثانيا حتى يلجئه ذلك إلى الإجابة والقبول وهم لم يفعلوا شيئا منهما، وصفهم الله سبحانه وتعالى أولا بما هو أول ضلالتهم وهو تركهم استماع الحق ومشابهتهم بذلك لمن إيفت حاسة سمعه واتبعه وصفهم بالبكم الذي هو لازم الصمم وتابع له في الوجود فإن من لا يستمع ولا يسمع لكلام الناصح له لا يتمكن من الجواب، فلذلك شبهوا بالبكم وثلث بوصفهم بعمى البصيرة وفقد النظر والاستدلال الموجب للإذعان والقبول لكون هذه الضلالة متأخرة عما سبق عليها.

قوله: (صم) أي هم صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به. وقوله «ادنوا» أي اصغوا إليه واستمعوا من قولهم: أذن له أذنا أي استمع وأمال إليه أذنه. وقيل هذا البيت:

أن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا ... مني ومما سمعوا من صالح دفنوا

(صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به ... وإن ذكرت بشر عندهم أذنوا)

أي إن سمعوا مني كلاما يوهم نقيصتي ودناءة حالي أو سمعوا ذلك من غيري تقوله في حقي فرحوا به ونشروه بين الناس، وإن سمعوا مني كلاما يدل على فضلي وجلالة قدري أو استمعوا ذلك من غيري تقوله في حقي ستروه عن الناس ولا يسمعونه فضلا عن أن ينشروه ويظهروه للناس حسدا علي وكقوله:

(أصم عن الشيء الذي لا أريده ... وأسمع خلق الله حين أريد)

Shafi 326