Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Nau'ikan
ولم يحوج المؤمنين إلى أن يعارضوهم وأن استهزاءهم لا يوبه به في مقابلة ما يفعل الله بهم ولعله لم يقل الله مستهزىء بهم ليطابق قولهم إيماء بأن الاستهزاء يحدث حالا فحالا الأول أنه ترك العطف والثاني إخراجه على صورة مخصوصة وهي كونه مصدرا باسم الله تعالى لا بذكر المؤمنين، مع أنهم هم الذين يستهزىء به المنافقون فكان المناسب بحسب الظاهر أن يعارضهم المؤمنون ويقابلوهم وأن يحكي الله عنهم ذلك، ولا بد لكل واحد منهما من نكتة نقتضيه. ونكتة الأمر الأول أنه تعالى لما حكى عنهم قولهم: إنما نحن مستهزؤن وكان الاستهزاء بإظهار الإيمان في غاية الشناعة والقباحة استعظمه كل من سمعه وتوجه له أن يسأل ويقال: سبحان الله هؤلاء الذين هذا شأنهم ما مصير أمرهم وعقبى حالهم وكيف معاملة الله تعالى بهم؟ فأجيب عن السؤال المتوهم ببيان أن عاقبة استهزائهم ما هي ولم يتعرض المصنف لنكتة هذا الأمر صريحا بل اكتفى بالإشارة إليها بقوله: «وإنما استؤنف به» واقتصر على ذكر نكتة الأمر الثاني وهو كون الجملة الاستئنافية مصدرة بذكر اسم الله تعالى وعدم التعرض لذكر المؤمنين المستهزأ بهم. وهي أمران: الأول أنها صدرت بذكر اسم الله تعالى ليدل على أن الله تعالى يكفي مؤونتهم عبادة المؤمنين وينتقم لهم بأن يتولى بنفسه مجازاة المنافقين وينزل عليهم الحقارة والهواة ولا يحوج المؤمنين إلى أن يعارضوهم بمقابلة استهزائهم بما يماثله من الاستهزاء وفيه تعظيم لشأن المؤمنين. والثاني أنها صدرت بذلك ليدل على أن استهزاء المنافقين لا يؤبه به أي لا يبالي به ولا يعتد به المؤمنون في مقابلة ما يفعل بهم حتى يعارضوهم بما يكون جزاء لاستهزائهم. فلذلك لم يصدر الجملة المستأنفة بذكر المؤمنين بذلك لأن ما يفعل بهم صادر عمن يضمحل علمهم وقدرته في جنب علمه وقدرته بخلاف استهزاء المؤمنين فإنه يماثل استهزاء المنافقين لتماثل علمهم وقدرتهم، فكيف يؤبه به بمعارضة المؤمنين إياهم في جنب ما يفعل الله، تعالى بهم؟ قوله: (ولعله لم يقل الله مستهزىء بهم) إشارة إلى جواب ما يقال من أنه هلا قيل: الله مستهزىء بهم ليطابق قولهم: إنما نحن مستهزؤن فقوله: «ليطابق» علة للمنفي وقوله: «إيماء» علة للنفي.
وتقرير الجواب أنه صير «يستهزىء» على «مستهزىء» بناء على أن «يستهزىء» يفيد حدوث الاستهزاء وتجده وقتا بعد وقت. أما إفادته للحدوث والتجدد فلكونه فعلا، وأما كون ذلك وقتا بعد وقت فلأن المضارع لما كان دالا على الزمان المستقبل الذي ينقلب إلى الحال شيئا بعد شيء على الاستمرار ناسب أن يقصد به أن معنى مصدره المقارن لذلك يحدث على منواله حدوثا مستمرا استمرارا تجدديا لا ثبوتيا كما في الجملة الاسمية. والنكاية في العدوان تصيبهم بثلاثة بقتل ونحوه فتخرج سالما. قال أبو النجم:
تنكى العداة وتنكر الأضيافا
Shafi 299