Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Nau'ikan
الإنسان حواسه. والمعنى أن لحوق ضرر ذلك بهم كالمحسوس لكنهم لتماديهم في الغفلة صاروا بمنزلة من لا حس له. وفيه إشارة إلى أنهم أخس وأدنى حالا من البهائم وملحقون بالجمادات. قوله: (وأصله الشعر) وهو الفهم والعلم، يقال: شعرت بالشيء أشعر به شعرا أي فطنت له. ومنه قولهم: ليت شعري أي ليتني علمت، ومنه الشعار وهو شعار القوم في الحرب وعلامتهم التي بها يعرف بعضهم بعضا فهو سبب الشعور، وأيضا الشعار ثوب يلي الجسد ويحس به.
قوله: (ومجاز في الأعراض النفسانية) أي الصفات العارضة للنفس، وهو جمع عرض بفتحتين وبالعين المهملة. والمراد بالجهل الجهل البسيط وهو عدم العلم عما من شأنه ذلك، وبسوء الاعتقاد الجهل المركب لأنه عبارة عن الاعتقاد الغير المطابق، والحسد تمني زوال نعمة المحسود إلى الحاسد، والضغينة كمينة الحقد الكامن الذي يؤدي إلى قصد الانتقام.
أطلق لفظ المرض على هذه الصفات على طريق الاستعارة التصريحية لابتنائه على المشابهة بين تلك الصفات والمرض الحقيق. فإن الأمراض البدنية فيها حالتان: الأولى أنها تخرج البدن عن الاعتدال اللائق به وتوجب الخلل في أفعاله، فإن المرض العارض لكل عضو يمنعه عن كمال منفعته وهو صدور الأفعال المتعلقة به من غير خلل. والثانية تأديته إلى زوال الحياة الجسمانية وهلاك الجسم. والأعراض النفسانية المذكورة تشبه الأمراض البدنية في هاتين الحالتين فإنها تمنع عن كمالها وهو اكتساب الفضائل الدينية من معرفة الله تعالى وطاعته وسلوك سبيل مرضاته في جميع ما يأتيه ويذره، وربما يؤدي إلى هلاك النفس بزوال حياتها الحقيقية الأبدية الحاصلة للمؤمنين في دار السعادة. وأراد بالفضائل في قوله: «لأنها مانعة من نيل الفضائل» ما لا يؤدي انتفاؤها إلى الكفر وزوال الحياة الأبدية بقرينة قوله: «أو مؤدية إلى زوال الحياة الحقيقية». قوله: (والآية الكريمة تحتملهما) أي تحتمل أن يراد بالمرض فيها معناه المجازي الذي هو الأعراض النفسانية وأن يرادا به ما هو من قبيل الأمراض البدنية، وهو ما يعرض لجرم القلب الصنوبري من سوء مزاجه وتألمه ومرضه. فإن الإنسان إذا صار ممتلئا بالحسد والنفاق ومشاهدة ما هو المكروه عنده استمر به ذلك ودام فربما صار ذلك سببا لتغير مزاج قلبه ووجعه وهذا مع كونه معنى حقيقيا لمرض القلب أبلغ من المعنى المجازي الذي لا يرتكب إلا لكونه أبلغ من الحقيقة. قوله: (فإن قلوبهم كانت متألمة تحرقا على ما فاتهم من الرياسة) أي احتراقا وتحزنا على فواته وهو علة لتألم قلوبهم وتوجعها توجعا حسيا من أجل ما فات عنهم من حب الرياسة. فإن أهل المدينة قد اتفقوا على أن يبايعوا ابن أبي بيعة السيادة ويتوجوه بتاج الإمارة قبل طلوع شمس الإسلام وقدوم
Shafi 272