Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Nau'ikan
ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر لما افتتح سبحانه وتعالى بشرح حال الكتاب وساق لبيانه ذكر المؤمنين الذين أخلصوا دينهم لله تعالى وواطأت فيه قلوبهم ألسنتهم وثنى بأضدادهم الذين محضوا الكفر ظاهرا وباطنا ولم يلتفتوا لفته رأسا ثلث بالقسم الثالث المذبذب بين القسمين، وهم الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم تكميلا للتقسيم وهم أخبث الكفرة وأبغضهم إلى الله لأنهم موهوا الكفر وخلطوا به خداعا واستهزاء ولذلك طول في بيان خبثهم وجهلهم واستهزأ بهم وتهكم بأفعالهم، فيهم تنبيها على أن ذلك من سوء اختيارهم وشؤم إصرارهم على الكفر والإنكار فكأنهم باختيارهم هذا المنكر اختاروا ما يترتب عليه وأظهروه من أنفسهم.
قوله: (لما افتتح سبحانه وتعالى كتابه الكريم بشرح حال الكتاب) حيث قال في حقه:
ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الآية. قوله: (محضوا الكفر ظاهرا أو باطنا) أي قلبا ولسانا ولم يلتفتوا إليه أي إلى جانب الكتاب أصلا لا قولا ولا فعلا ولا اعتقادا. وفي الصحاح: لا يلتفت لفت فلان أي لا ينظر إليه. وفيه أيضا التذبذب التحرك، والمذبذب المتردد بين الأمرين. قوله: (ثلث بالقسم الثالث) جواب «لما» وقوله: «تكميلا للتقسيم» علة للتثليث به فإن رؤساء الناس وأعلامهم في باب التدين ثلاث طوائف: المتقون، والكفار المصرون على الكفر ظاهرا وباطنا، والمنافقون المذبذبون. فالله سبحانه وتعالى ذكر القسم الأول في أربع آيات، وذكر القسم الثاني في آيتين، وذكر القسم الثالث في ثلاث عشرة آية تكميلا لأقسام رؤساء الناس. قوله: (موهوا الكفر) أي ستروه بالإيمان الظاهري. يقال:
موهت الشيء إذا طلبته بذهب أو فضة وتحته نحاس أو حديد. وتمويه الكفر تدليس وخبث آخر منضم إلى خبث الكفر حيث خلطوا بالكفر مخادعة، كما قال سبحانه وتعالى في حكاية حالهم يخادعون الله والذين آمنوا [البقرة: 9] واستهزاء كما قال سبحانه وتعالى حكاية عنهم: إنما نحن مستهزؤن [البقرة: 14]. قوله: (ولذلك طول الخ) أي ولكونهم أخبث الكفرة طول الله سبحانه وتعالى في بيان خبثهم بأن ذكر ادعاءهم الإيمان بالمبدأ والمعاد بجمع ما يتعلق بالمحيا والممات ثم فضحهم وبين كذبهم فيه بقوله: وما هم بمؤمنين [البقرة: 8] ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون. ووصفهم بالمخادعة والتلبيس ومرض القلب والإفساد في الأرض وتسفيه المؤمنين. قوله: (وجهلهم) عطف على «طول» حيث قال في حقهم وما يشعرون [البقرة: 9] ولكن لا يشعرون [البقرة: 12] ولكن لا يعلمون [البقرة: 13]. قوله: (واستهزأ بهم) عطف على «طول» أو «جهلهم» حيث قال سبحانه وتعالى: الله يستهزئ بهم [البقرة: 15]. قوله: (وتهكم بأفعالهم) حيث قال سبحانه وتعالى: أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم [البقرة: 16].
Shafi 253