239

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Nau'ikan

تعالى: لم يكن الذين كفروا [البينة: 1] الآية. السادس إن ذلك في الآخرة وإنما أخبر عنه بالماضي لتحققه وتيقن وقوعه ويشهد له قوله تعالى: ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما [الإسراء: 97]. السابع إن المراد بالختم وسم قلوبهم بسمة تعرفها الملائكة فيبغضونهم ويتنفرون منهم، وعلى هذا المنهاج كلامنا وكلامهم فيما يضاف إلى الله تعالى من طبع وإضلال ونحوهما. وعلى سمعهم معطوف على قلوبهم لقوله تعالى:

قوله: (السادس إن ذلك) أي ختم القلوب وإبطال القوى والمشاعر لا يكون في الدنيا حتى يقال إنه ترك لما هو أصلح للعباد فلا يجوز إسناده إليه سبحانه وتعالى، بل إنما يكون في الآخرة جزاء على أعمالهم القبيحة والجزاء على حسب ما يستحقه العبد عدل لا ظلم فيكون الإسناد على حقيقته، وإنما المجاز في تشبيه غير الواقع بالواقع لتحقق وقوعه والتعبير عنه بما يدل على أنه قد وقع ويشهد لصحة هذا التوجيه أنه سبحانه وتعالى قد أخبر أنه يعميهم ويصمهم ويختم على أفواههم حيث قال: ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما [الإسراء: 97] وقال: اليوم نختم على أفواههم [يس: 65] وقال تعالى: لهم فيها زفير وشهيق [هود: 106] وقال: لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون [الأنبياء: 100] قوله: (السابع) حاصله أنه ليس المراد بالختم إحداث الهيئة المانعة من قبول الإيمان ليمتنع إسناده إليه سبحانه وتعالى، بل المراد بذلك سمة أي علامة يجعلها الله في قلوب الكفرة وأسماعهم فتعلم الملائكة بذلك الوسم أنهم كفرة وأنهم لا يؤمنون أبدا فيبغضونهم ويلعنونهم شبه الوسم المذكور بالختم فأطلق اسم الختم عليه استعارة أصلية، ثم اشتق من الختم بمعنى الوسم صيغة الماضي فكانت استعارة تبعية. قوله: (وعلى هذا المنهاج) أي منهاج ما ذكرنا من أن الختم بمعنى إحداث الهيئة المانعة من قبول الحق أسند إليه سبحانه وتعالى من حيث إن الممكنات بأسرها مسندة إلى الله سبحانه وتعالى واقعة بقدرته عندنا خلافا للمعتزلة. قوله: (كلامنا) مبتدأ و «كلامهم» عطف عليه وقوله: «على هذا المنهاج» خبر قدم على المبتدأ وقوله: «فيما يضاف» ظرف لأحد الكلامين على سبيل التنازع. يعني أن قوله سبحانه وتعالى: وجعلنا على قلوبهم أكنة [الأنعام: 25] وقوله: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون [المطففين: 14] وقوله: أولئك الذين طبع الله على قلوبهم [النحل: 108] ونحو ذلك من الآيات الدالة على إسناد نحو الرين الطبع إليه من حيث إن الممكنات بأسرها مستندة إليه سبحانه وتعالى واقعة بقدرته. وأما المعتزلة فإنهم يؤولونها بوجوه مناسبة لأصولهم الفاسدة مثل الوجوه السابقة لهم كما عرفت. قوله: (وعلى سمعهم معطوف على قلوبهم) لما كان قوله سبحانه وتعالى: وعلى سمعهم يحتمل وجهين: الأول أن يكون معطوفا على قلوبهم متعلقا بالختم ومتمما للجملة الفعلية التي قبله،

Shafi 245