Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Nau'ikan
وفائدة الإنذار بعد العلم بأنه لا ينجع إلزام الحجة وحيازة الرسول فضل الإبلاغ. ولذلك قال: سواء عليهم ولم يقل سواء عليك كما قال لعبدة الأصنام: سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون [الأعراف: 193] وفي الآية إخبار بالغيب على ما هو به إن أريد بالموصول أشخاص بأعيانهم فهي من المعجزات.
من قد آمن [هود: 36] وكان الإيمان المكلف به ممتنعا لذاته بالنسبة إلى من علم نزول هذه الآية في حقه لكونه مستلزما لاجتماع المتنافيين إلا أن كونهم مكلفين بالإيمان لا يجب أن يكون بعد ما علموا أنه سبحانه وتعالى أخبر عنهم بأنهم لا يؤمنون حتى يكونوا مكلفين بالجمع بين الضدين، فإن الامتناع الناشىء من التقدير الذي لا يجب وقوعه لا يكون امتناعا ذاتيا فتكليفهم بالإيمان ليس تكليفا بالممتنع لذاته وهو المطلوب. ويحتمل أن يكون مقصود المصنف أن لا يتعرض للجواب عن التقدير للإشارة إلى ضعفه إذ يبعد من العاقل أن يجوز وقوع التكليف بالممتنع لذاته. قوله: (وفائدة الإنذار بعد العلم) أي بعد علم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه لا ينجع أي لا يؤثر ولا ينفع. يقال: نجع فيه الوعظ والدواء أي دخل وأثر. وهو جواب عما يقال: ما فائدة الإندار مع العلم بأنه لا ينفعهم وأنهم لا يؤمنون؟ وتقرير الجواب أن فائدة الإنذار ليست منحصرة في إيمان المنذرين بل له فائدتان: إحداهما بالنظر إلى المكلف وهو إلزام الحجة عليه لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل بأن يقولوا:
إنا كنا عن هذا غافلين [الأعراف: 172] لو لا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين [القصص: 47] قال تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا [الإسراء: 15] وثانيتهما بالنظر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهي حيازته صلى الله عليه وسلم فضل الإبلاغ أي إحاطته إياه، فإن الإبلاغ والدعوة إلى الحق وإلى طريق مستقيم أعظم الطاعات التي ينال المرء بها من ربه أعظم المثوبات. قوله: (ولذلك) أي ولكون إنذار المتمردين مفيدا في حق النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: «سواء عليك» إذ لا مساواة بينهما بالنظر إليه عليه الصلاة والسلام، بخلاف الكفار المتمردين فإنهما متساويان بالنظر إليهم لغاية قساوة قلوبهم. قوله: (وفي الآية إخبار بالغيب) فإن استمرارهم على عدم الإيمان إلى أن يموتوا غيب، وقد أخبر الله تعالى عنهم بذلك وكان الأمر على ما أخبر به. فهي من جملة معجزاته عليه الصلاة والسلام. وهذا على أن يكون التعريف في قوله: الذين كفروا تعريف العهد الخارجي لا تعريف الجنس، ويكون المعهودون أناسا بأعيانهم كأبي جهل والوليد وأحبار اليهود فإنه سبحانه وتعالى أخبر عن هؤلاء قبل موتهم بأنهم لا يؤمنون وكان الأمر كما أخبر به. وإنما اشترط ذلك في كون الآية نزلت إخبارا بالغيب إذ لو حمل التعريف فيه على التعريف الجنسي يكون الكلام إخبارا عن المصممين على الكفر بأنهم لا يؤمنون، وهذا
Shafi 235