إلا أن منهم من عد التسمية دون أنعمت عليهم ومنهم من عكس. وتثنى في الصلاة أو الإنزال. إن صح أنها نزلت بمكة حين فرضت الصلاة، وبالمدينة حين حولت القبلة.
وقد صح أنها مكية لقوله تعالى: ولقد آتيناك سبعا من المثاني [الحجر: 87] وهو مكي بالنص.
اتفاق الجمهور فإن مخالفة واحد أو اثنين للجمهور يسمى خلافا لا اختلافا فلا يخرج الحكم به عن كونه متفقا عليه.
قوله: (إلا أن منهم من عد التسمية آية دون أنعمت عليهم ومنهم من عكس) لا يتوهم منه أن منهم من قال إن أنعمت عليهم وحده آية فإنه ليس بآية اتفاقا لظهور أن الصلة بدون الموصول لا تعد آية لكون الكل في حكم كلمة واحدة، فالمراد أنها آية مع قوله: صراط الذين إلا أنه اختصر لظهور المراد، وإن عدت التسمية آية من الفاتحة كما ذهب إليه الإمام الشافعي يكون الحمد لله رب العالمين آية ثانية والرحمن الرحيم آية ثالثة ومالك يوم الدين رابعة وإياك نعبد وإياك نستعين خامسة واهدنا الصراط المستقيم سادسة وصراط الذين أنعمت عليهم إلى آخر السورة سابعة وإذا لم تعد التسمية آية منها كما ذهب إليه أصحابنا يكون الحمد لله رب العالمين آية أولى والرحمن الرحيم آية ثانية ومالك يوم الدين ثالثة وإياك نعبد وإياك نستعين رابعة واهدنا الصراط المستقيم خامسة وصراط الذين أنعمت عليهم سادسة وغير المغضوب عليهم ولا الضالين سابعة. قوله: (وتثنى في الصلاة) عطف على قوله: «سبع آيات» وعلة لتسميتها بالمثاني.
وفيه إشارة إلى أن المثاني جمع مثنى على صيغة المفعول من التثنية وهي التكرير يقال: ثنيته تثنية أي جعلته اثنين والمتكرر في الصلاة أو الإنزال إنما هي الفاتحة وهي سورة واحدة فينبغي أن توصف بالمثناة لا بالمثاني إلا أنها وصفت بالجمع نظرا إلى كثرة آياتها فإن تكرر السورة قراءة ونزولا يستلزم تكرار آياتها وكونها مثاني. ويجوز أن تكون المثاني جمع مثنى بفتح الميم على وزن مفعل من الثني مقصور بمعنى التكرير والإعادة، وقد جاء في الحديث:
«لا ثني في الصدقة، أي لا تؤخذ في السنة مرتين. فتسمية الفاتحة مثاني معناها أنها محل التثنية والتكرير والإعادة فإن قيل لا وجه لعطف قوله: «أو الإنزال» على قوله: «في الصلاة» لأنه يكون المعنى حينئذ أن الفاتحة تثنى في الإنزال ولا معنى له لأنه لا إنزال بعد ارتحال النبي صلى الله عليه وسلم إلى عالم القدس والأبد، أجيب بأن تثنى المقدر بمعنى ثنيت وعبر عنه بلفظ المضارع على حكاية الحال الماضية أو أنه من قبيل حذف المعطوف وإبقاء العاطف كما في قوله: علفتها تبنا وماء باردا والتقدير وأنها ثنيت في الإنزال. قوله: (إن صح أنها نزلت بمكة إلى آخره) إشارة إلى أن تكرير نزولها ليس بمجزوم به لضعف دليله ثم أشار إلى ما هو
Shafi 27