205

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Nau'ikan

غيرهم، ووسط العاطف لاختلاف مفهوم الجملتين ههنا بخلاف قوله: أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون [الأعراف: 179] أولئك هم الغافلون فإن التسجيل بالغفلة والتشبيه بالبهائم شيء واحد فكانت الجملة الثانية مقررة للأولى فلا تناسب العطف.

وهم فصل يفصل الخبر عن الصفة ويؤكد النسبة ويفيد اختصاص المسند بالمسند إليه، ذلك. قوله: (ووسط العاطف) جواب عما يقال ما الفرق بين هذه الآية وبين قوله تعالى:

أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون [الأعراف: 179] حتى توسط العاطف بين اسمي الإشارة في هذه الآية ولم يتوسط في تلك الآية؟ وتقرير الجواب أن الجملتين المتعاطفتين فيما نحن فيه وإن كانتا متناسبتين بسبب اتحادهما في المسند إليه إلا أنهما مختلفتان في وجه آخر أي من حيث اختلاف خبر الجملة المعطوفة وهو قوله: هم المفلحون فإنهما معنيان مختلفان مفهوما ووجودا. فإن الفلاح الذي هو الفوز بالمطلوب إنما يحصل في الآخرة، والهدى الذي هو الدلالة على المطلوب أو الاهتداء أو سلوك الصراط المستقيم الموصل إليه إنما يحصل في الدنيا فهما متغايران في العقل والوجود لكنهما متناسبان من حيث كون أحدهما نتيجة للآخر. فكانت الجملتان متوسطتين بين كمال الاتصال وكمال الانقطاع فلذلك عطفت الثانية على الأولى بالواو الجامعة المنبئة عن تغاير المعطوفين من وجه وتناسبهما من وجه آخر، بخلاف قوله تعالى: أولئك كالأنعام مع قوله: أولئك هم الغافلون فإنهما وإن اختلفا بحسب اللفظ والمفهوم لكنهما قد اتحدا بحسب المقصود والمآل فكانت الثانية مقررة للأولى مؤكدة لها إذ لا معنى للتشبيه بالأنعام إلا المبالغة في الغفلة، فلم يفد قوله: أولئك هم الغافلون إلا ما أفاد قوله: أولئك كالأنعام فلم يكن للعطف وجه لتحقق كمال الاتصال بينهما. قوله: (وهم فصل) لم يقل ضمير فصل لأنه اختلف فيه فقال بعض النحاة: إنه اسم ملغى لا محل له من الإعراب. وقال بعض البصريين: إنه حرف لاستبعاد خلو الاسم عن الإعراب لفظا ومحلا. ولأنه لما كان الغرض المهم من إثباته دفع التباس الخبر الذي بعده بالصفة فإنك إذا قلت: زيد العالم وأولئك المفلحون جاز أن يتوهم السامع أن العالم والمفلحون صفة المبتدأ فينتظر الخبر، فجئت بالفصل ليتعين أنه خبر لا صفة لأن الضمير لا يوصف فكان مفيد المعنى في غيره فكان حرفا لا اسما. ومن جعله اسما لا يجعله مبتدأ حقيقة على أنه لو كان كذلك لم ينتصب ما بعده «بظن» و «كان» في نحو: ظننت زيدا هو القائم وكنت أنت القائم، وبعض العرب يجعله مبتدأ ما بعده خبره فلا ينصب ما بعده في باب «كان» وباب «علمت»، وعليه ما نقل في غير السبعة ولكن كانوا هم الظالمون وإن ترني أنا أقل بالرفع فيهما. وذكر المصنف لكلمة «هم» على تقدير كونه فصلا لا مبتدأ ثلاث فوائد: الأولى الدلالة على أن المذكور بعدها خبر لما

Shafi 211