199

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Nau'ikan

والضمير المجرور في قوله: «له» راجع إلى أحد الموصولين.

قوله: (فكأنه لما قيل: هدى للمتقين) فدل باللام الجارة على اختصاص المتقين بكون الكتاب هدى لهم كأنه قيل: ما بالهم خصوا بذلك؟ سائلا عن سبب اختصاصهم ما هو، فأجيب عنه بقوله تعالى: الذين يؤمنون بالغيب إلى آخر الآيات. وحاصل الجواب أن سبب اختصاصهم بذلك اتصافهم بتلك الصفات المذكورة بقوله: يؤمنون بالغيب فإن ترتيب الحكم على اسم الإشارة الذي أشير به إلى المتصف بوصف بمنزلة ترتبه على المتصف بذلك الوصف وترتبه عليه صريحا يشعر بعلية ذلك الوصف للحكم المذكور. فكأنه قيل: الذين هذه المذكورات عقائدهم وأعمالهم أحقاء بأن يهديهم الله تعالى في الدنيا بكتابه الكريم ويعطيهم في الآخرة الفلاح العظيم فلذلك خصوا بهما وحرم منهما من ليسوا على صفتهما. فظهر بهذا أن جملة أولئك على هدى من ربهم على تقدير كونه خبرا لأحد الموصولين تكون الجملة الكبرى استئنافا لا محل لها من الإعراب وكانت جملة أولئك على هدى مرفوعة المحل على الخبرية. قوله: (وإلا فاستئناف) أي إن لم يجعل أحد الموصولين مفصولا عن المتقين بل جعل الأول موصولا بهم وجعل الثاني معطوفا عليه تكون جملة أولئك على هدى مستأنفة لا محل لها من الإعراب. ثم إن الاستئناف لا بد أن يكون جواب سؤال مقدار اقتضته الجملة الأولى ونزلت منزلة السؤال لاشتمالها عليه واقتضائها له. وقد ذكر في كتب المعاني أن الاستئناف ثلاثة أنواع: الأول أن يكون السؤال عن سبب الحكم مطلقا كما في قوله:

قال لي كيف أنت قلت عليل ... سهر دائم وحزن طويل

فإن قوله: «سهر دائم» جملة مستأنفة وقعت جوابا عن السؤال عن سبب علته ما هو؟

فإنه لما قال: أنا عليل توجه أن يقال: ما سبب علتك وموجب مرضك؟ فأجاب عنه بأنه سهر دائم وليس السؤال عن سبب خاص لهذا الحكم بأن يقال: هل سبب علتك كذا وكذا؟

لا سيما السهر والحزن لأنهما أبعد أسباب المرض، فعلم أن السؤال عن السبب المطلق.

والنوع الثاني أن يكون السؤال عن سبب خاص للحكم كما في قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء [يوسف: 53] فإن الجملة المؤكدة بأن جواب عن السؤال عن السبب الخاص لعدم تبرئته نفسه كأنه قيل: النفس أمارة بالسوء قال: نعم إنها أمارة بالسوء، والتأكيد دليل على أن السؤال عن السبب الخاص. والنوع الثالث أن لا يكون السؤال عن سبب الحكم لا عن السبب المطلق ولا عن السبب الخاص بل عن شيء غير السبب كما في قوله تعالى: قالوا سلاما قال سلام [هود: 69] فإنه لما حكى أن الملائكة قالوا لإبراهيم

Shafi 205