Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Nau'ikan
فيبلغه إلى الرسول. والمراد بما أنزل إليك القرآن بأسره والشريعة عن آخرها، وإنما عبر عنه بلفظ الماضي وإن كان بعضه مترقبا تغليبا للموجود على ما لم يوجد وتنزيلا للمنتظر لموضوعاتها قبلت الحركة التبعية العارضة لها بسبب حركة موضوعاتها كحركة جالس السفينة تبعا للسفينة، وكذلك إذا تحرك الجسم يتحرك معه ما حل فيه من الأعراض. فمعنى إنزال الله تعالى الكتاب تحريكه بتحريك محله الذي هو الملك الحامل له، ومعنى تحريك المحل أمره بالحركة والنزول. ثم إنه ذكر لكيفية أخذ الملك النازل بالكلام الإلهي وجهين: الأول أن جبريل عليه الصلاة والسلام أخذ المعنى الأزلي والكلام النفسي القائم بذات الله سبحانه وتعالى أخذا روحانيا أي معنويا غير ملتبس بكثرة الحروف والأصوات، فإن المعنى الأزلي بمنزلة الروح للكلام اللفظي المركب من الأصوات والحروف والتلقف الأخذ بسرعة وإنما قال: «تلقفا روحانيا» لأن المتلقف منه منزه عن أن يقوم به الكلام اللفظي الحادث وإن كان الملك عندنا جسما لطيفا من شأنه أن يتشكل بأشكال مختلفة والأشاعرة جوزوا أن يسمع كلامه تعالى الأزلي بلا صوت ولا حرف كما ترى ذاته تعالى في الآخرة بلا كم ولا كيف فيجوز أن يخلق الله تعالى لجبريل عليه الصلاة والسلام وهو في مقامه عند سدرة المنتهى سماعا لكلامه الأزلي وإن لم يكن من جنس الحروف والأصوات، ثم أقدره على عبارة يعبر بها عن ذلك الكلام القديم. ويقال له إنه كلام الله تعالى تسمية للدال باسم مدلوله. والوجه الثاني لكيفية أخذه أن يخلق الله تعالى في اللوح المحفوظ كتابة ونقشا يدل على هذا النظم المخصوص فيقرؤه جبريل عليه الصلاة والسلام ويحفظه ويبلغه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد مر ما يتعلق بهذا الكلام أول الخطبة. قوله: (والمراد بما أنزل إليك القرآن بأسره) جواب عما يقل إن أريد بما أنزل جميع القرآن فهو غير منزل وقت إيمانهم فكيف يصح التعبير عن إنزاله بلفظ الماضي؟ وإن أريد به المقدر المنزل وقت الإيمان فالإيمان به إيمان ببعض المنزل مع أنه يجب الإيمان بجميع المنزل سواء تحقق إنزاله أو كان مترقب الإنزال بعد بأن يصدق إجمالا ويعترف بأن كل ما نزل وما سينزل شيئا فشيئا فهو حق، لأنهم وصفوا بالإيمان بجميع ما يجب أن يؤمن به من الغيب، ولا شك أن ما هو مترقب النزول من جملة ما يجب أن يؤمن به إجمالا فإن الإيمان بتفاصيل الترقب إنما يجب عند تحقق نزوله فينبغي أن يشار إلى اشتمال إيمانهم على الإيمان بما هو مترقب النزول أيضا أي كما ذكر إيمانهم بالمقدار المنزل وقت الإيمان. وتقرير الجواب أن نختار أن المراد بما أنزل إليك جميع القرآن ما نزل منه وما هو مترقب النزول، وقولك: «ولا يصح حينئذ التعبير عن إنزاله بلفظ الماضي» فالجواب عنه من وجهين: الأول تغليب ما وجد نزوله على ما لم يوجد ثم أن يعبر عنهما بما يعبر به عما تحقق نزوله فصار الكل بذلك كأنه قد أنزل. وفي الكشاف: المراد المنزل كله، وإنما عبر
Shafi 198