Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Nau'ikan
في أن مجرد التصديق بالقلب هل هو كاف لأنه المقصود أم لا بد من اقتران الإقرار به للمتمكن منه؟ ولعل الحق هو الثاني. لأنه تعالى ذم المعاند أكثر من ذم الجاهل المقصر والإيمان ومظهر له فلا بد أن يكون الإيمان موجودا بتمامه قبل فعل اللسان حتى يترجمه اللسان. فعلى هذا لا يكون الإقرار شرطا لتحقق الإيمان كما أنه ليس ركنا منه لما سبق من الدلائل، نعم لا بد منه في الإيمان الكامل كسائر الفرائض المتعلقة بالجوارح وفي إجراء الأحكام في الدنيا كجواز الصلاة خلفه وأن يصلى عليه إذا مات وأن يدفن في مقابر المسلمين وأن يطالب بالعشور والزكاة ونحو ذلك فإن الإقرار لا بد منه فيها بالإجماع. قوله: (أم لا بد من اقتران الإقرار به للمتمكن منه) فإن العاجز عنه كالأخرس مؤمن اتفاقا كما أن من تركه على وجه الإباء والامتناع مع مطالبته به كافر اتفاقا لكون ذلك من إمارات عدم التصديق.
وإنما الخلاف فيمن تركه لا على وجه الإباء والامتناع مع كونه قادرا عليه ومات مصدقا بقلبه فهل يحكم عليه بأنه مات مؤمنا بينه وبين الله تعالى أولا؟ فمن شرط الإقرار لتمام الإيمان يقول: إنه مات قبل الإيمان لأن التصديق القلبي إنما يكون إيمانا بشرط أن يقترن به الإقرار ولم يقترن. ومن لم يشرطه في تمام الإيمان يجعل تركه مع العلم بوجوبه من قبيل الصلاة مع العلم بوجوبها فيحكم عليه بأنه مؤمن غير مخلد في النار. ثم إن اعتبار الإقرار إن كان لإجراء أحكام الإيمان في الدنيا على المقر فلا بد أن يكون معلنا ومظهرا الإقرار بحيث يطلع عليه من يكون، والياء على إجراء الأحكام من الإمام وسائر المسلمين بخلاف ما إذا كان لإتمام الإيمان فإنه حينئذ يكفي مجرد التكلم به وإن لم يظهره على غيره. فإن قيل: لا وجه لهذا الاختلاف بعد الاتفاق على أن الإيمان موضوع للتصديق والاستدلال بالأدلة المذكورة فإن دليل الأول كذا ما أشير إليه بقوله: «ما فيه من قلة التغيير» الخ يدل عليه بالأدلة المذكورة على أنه لا حاجة إلى اقتران الإقرار بالتصديق، قلنا: الاتفاق على كونه موضوعا للتصديق المذكور لا ينافي الاختلاف في كون ذلك التصديق وحده معتبرا وكافيا في ترتب حكم الإيمان عليه في الآخرة وهو نيل ثواب المؤمنين والنجاة من الخلود في النار مع الخالدين لجواز أن يكون المصدق بقلبه مؤمنا ولا يعتبر إيمانه إلا إذا اقترن به الإقرار. ذكر الإمام النسفي رحمه الله في التيسير: إن أهل الحق قالوا: الإيمان المفترض على العبد هو التصديق بالقلب والإقرار باللسان وهو المروي عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه، ولما قدمت في كلام الإمام أن القول بأن الإقرار اللساني غير معتبر في تحقق الإيمان خرق للإجماع وإن منع الإمام الغزالي هذا الإجماع. وذلك مال المصنف رحمه الله إلى اختيار هذا القول حيث قال:
«ولعل الحق هو الثاني» واستدل عليه بأنه سبحانه تعالى ذم المعاند أكثر من ذم الجاهل المقصر وأراد بالمعاند من عرف الحق واعتقده بالقلب ولكن لا يقر بلسانه، وبالجاهل
Shafi 178