Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Nau'ikan
قوله تعالى: إنك لعلى هدى أو في ضلال مبين «1» ولأنه لا يقال مهدي إلا لمن اهتدى إلى المطلوب. واختصاصه بالمتقين لأنهم المهتدون به والمنتفعون بنصبه، وإن كانت دلالته عامة لكل ناظر من مسلم أو كافر وبهذا الاعتبار قال تعالى: هدى المدح كالمهدي فيجب أن يعتبر في مفهومه الوصول إلى المطلوب بل إن كان معناه من دل على المطلوب مطلقا لم يكن مدحا لأن من دل على المطلوب ولم يصل إليه كان محروما منه فهو مذموم، فكيف يستحق المدح؟ وعورض هذان الدليلان بقوله تعالى: وأما ثمود فهديناهم [فصلت: 17] فإنه تعالى أثبت هداه في حقهم مع عدم الاهتداء لقوله تعالى:
فاستحبوا العمى على الهدى [فصلت: 17] أي آثروه عليه وأجيب بأن المراد بقوله فهديناهم إثبات الهداية اللغوية وهو الدلالة المجردة على ما يوصل إلى المطلوب وتمكينهم من الاهتداء بسبب إزاحة العلل وإفاضة أسباب الاهتداء يبعث الرسل ونصب الدلائل وهي وإن لم تكن هداية حقيقة إلا أنها سميت هداية تنزيلا لتمكنهم من الوصول إلى البغية منزلة حقيقة الوصول إليها، وقرينة المجاز قوله: فاستحبوا العمى على الهدى أي بدلوا العمى بالهدى إعراضا عن الهدى واستحبابا للعمى كما في قوله تعالى: أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى. قوله: (واختصاصه بالمتقين) جواب عما يرد على قوله: «يهدي المتقين إلى الحق ويدلهم عليه ويرشدهم إليه وتقرير السؤال أن الكتاب المذكور دال وهاد لكل من نظر فيه من المتقي وغيره. فما وجه تخصيص الهدى المفسر بالدلالة بالمتقين إذ قيل للمتقين باللام المفيدة لمعنى الاختصاص؟ وأجاب عنه بوجهين: الأول أن المتقين وغيرهم مستوون في كون الكتاب دليلا وهاديا لهم لأن الهداية ثابتة له لذاته وما ثبت للشيء لذاته لا يختلف باختلاف النسب والإضافات إلا أن المتقين خصوا بالذكر لمزيد تعلق الهدى بهم من حيث إنهم المنتفعون به دون غيرهم. قوله: (بنصبه) أي بنصب الله تعالى إياه دليلا على ذلك.
قوله: (وبهذا الاعتبار) أي باعتبار عموم دلالته لكل ناظر من مسلم أو كافر. قيل:
هدى للناس* من غير تخصيص الناس ببعض دون بعض فباعتبار عموم دلالته للفريقين جميعا قال تعالى في حقه: هدى للناس* وباعتبار كون الانتفاع مختصا بالمتقين قال: ههنا هدى للمتقين فظهر وجه التوفيق بين الآيتين. والوجه الثاني من وجهي الجواب يرجع بحسب الظاهر إلى الوجه الأول لأن من صقل عقله واستعمله في تفكر الدلائل المنصوبة لتحقيق الحق وإبطال الباطل هو من صان قلبه عن تطرق الشبهات الزائغة والاعتقادات الفاسدة إليه،
Shafi 155