Hashiya Cala Mukhtasar Macani
حاشية الدسوقي على مختصر المعاني
Bincike
عبد الحميد هنداوي
Mai Buga Littafi
المكتبة العصرية
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
وكيف ينهر عن الأنهار السائلون، ولمثل هذا فليعمل العاملون ...
===
باقية على حقيقتها، والكلام على التشبيه بحذف المشبه، أو أن الكرام والكأس والأرض مستعارات، فالكرام مستعار للشارح، والكأس للمطول، والأرض للمنتحلين، ويصح أن يكون المركب استعارة تمثيلية حيث شبه الهيئة الحاصلة من رفعته عليهم وهم دونه وأخذهم من كلامه، بالهيئة الحاصلة من الأرض والشاربين من كأس ينزل شيء مما فيه عليها، واستعمل اللفظ الدال على الهيئة المشبه بها للهيئة المشبهة.
(قوله: وكيف ينهر) أى: يطرد عن الأنهار السائلون، أى: فكذلك أنا كيف أنهر هؤلاء المنتحلين الذين هم كالسائلين عن المطول الذى هو كالأنهار؟ ففى الكلام تشبيه ضمنى، أو أنه استعار الأنهار للمطول، واستعار السائلين للمنتحلين استعارة مصرحة، ولما كان المطول محتويا على علوم كثيرة بحيث يقوم مقام كتب عدة، شبهه بالأنهار لا بنهر واحد، ثم إن هذا الاستفهام إنكارى بمعنى النفى فى قوة تعليل ثان، أو إنه تعجبى فيكون ترقيا فيما أفاده من كونه لا ينبغى الالتفات لما طلبوه من الاختصار، واختار التعبير بالأنهار عن الأبحر لعذوبتها، واختار" ينهر" على" يطرد" لمجانسة الاشتقاق بين ينهر والأنهار.
(قوله: ولمثل هذا فليعمل العاملون) هذا اقتباس من الآية، لكن الإشارة فى الآية للفوز العظيم من النعمة والأمن من العذاب، وأما هنا فللأخذ والانتهاب، وأفرد اسم الإشارة؛ لأنهما بمعنى واحد أو لتأويلهما بالمذكور، أى: ويعمل العاملون لمثل هذا الأخذ أى لنيل ثواب مثل هذا الأخذ؛ لما فيه من الرفعة الدنيوية والثواب الأخروى، لا للحظوظ النفسانية، وحينئذ فلا ينبغى قطعه بوضع مختصر، والفاء فى قوله: (فليعمل) زائدة لا تمنع من عمل ما بعدها فيما قبلها، أو أنها سببية واقعة فى جواب شرط مقدر، والتقدير: مهما يكن من شىء فليعمل العاملون لمثل هذا، حذف الشرط مع أداته اختصارا اعتمادا على الفاء، وقدم المعمول لإفادة الحصر، واستشكل بأن فاء السببية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها؛ لأن لها الصدارة، والجواب: أنه لا يثبت لها هذا الحكم- أعنى الصدارة- إلا إذا وقعت فى موضعها من توسطها بين جملتين لفظا، فإن لم تتوسط بين
1 / 47