Hasad Falsafi
الحصاد الفلسفي للقرن العشرين : وبحوث فلسفية أخرى
Nau'ikan
Logo centrism .
اكتفى هذا الخطاب التفكيكي بالنقد والهدم بغير أن يتجاوزه إلى مرحلة البناء، أو إيجاد خطاب بديل، أي أنه لم يتجاوز الجانب السلبي من النقد، واستخدم كل الأدوات النقدية بدون أن يحاول بناء صرح خاص به، أو نظرية جديدة بديلة. تبحث القراءة التفكيكية عن التوتر بين الإيماءة والتعبير في النص، وقد قدم دريدا - لأول مرة - لفظة جديدة للقاموس الفلسفي وهي الاختلاف
différance ، أي أنه لا يبحث في النصوص عن التساوق والتكامل، بل يلقي الضوء على التعارضات والمفارقات التي تميز سلسلة الأضداد المشهورة التي تختص بها «متقابلات الحضارة الغربية: كالعقل والأسطورة، والمنطق والبلاغة، والعقلاني والحسي، والكلام والكتابة، والحرفي والتصوري أو المجازي، والطبيعة والثقافة، والحد والدلالة. ويزعم دريدا أن هذه التصورات المتضادة ليست من طبيعة الأشياء، وإنما تعكس استراتيجيات الاستبعاد والقمع التي لم تستطع المذاهب الفلسفية الغربية الإبقاء عليها إلا على حساب ما يشوبها من تناقضات داخلية ومفارقات كامنة فيها.»
68
ومهمة التفكيك هي إظهار هذه المتناقضات إلى النور.
ليست التفكيكية نوعا من القراءة الجدلية، وليست قراءة تأويلية تقصد الدلالة والمعنى، ولكنها قراءة تهدف إلى تفتيت النص من الداخل، وإظهار أوجه الاختلاف والتناقض داخله، بحيث تتكاثر القراءات، ويحيلنا النص إلى نصوص أخرى كامنة فيه
Interteatuality (أو التناص كما يطلق عليه المشتغلون عندنا بالنقد الأدبي). التفكيكية إذن قراءة تلقي الضوء على التصورات المتضادة، ومن ثم تضع مفاهيم الوجود التي كانت مسئولة عنها موضع السؤال. لقد فسر دريدا القراءات الإنسانية لكل من هيجل وهوسرل وهيدجر التي احتلت مكانة أساسية في الحياة العقلية في فرنسا بعد الحرب، سواء كانت فكرة ال «نحن في ظاهريات هيجل أو التوجه إلى بداهة المعنى عند هوسرل، أو حتى محاولة هيدجر للوصول إلى حقيقة الوجود العام عن طريق تحليلاته الوجودية للموجود الإنساني الملقى به هناك أو ال
Dasein . كل هذا يدل على أن النزعة المنطقية العقلية ما زالت مسيطرة على الفكر الغربي، ومعنى هذا أننا جميعا لم نتخل عن البحث عن غاية أو هدف نهائي.»
69
وهذا ما جعل هدف دريدا محاولة اكتشاف إمكانية وجود فلسفة خالية من المركز، وخالية من أي ذات متعالية وبغير هدف أو غاية.
Shafi da ba'a sani ba