ولكن الشيخ رضوان يسارع قائلا: والله إنك رجل ونعم الرجل، بارك الله لك في مالك وأولادك يا شيخ.
ويصيح الشيخ حسن غاضبا: لا، لا يا شيخ رضوان، الواجب لا يجوز المديح عليه، وإني رجل أمر لا يحتاج إلى تقرير، كلنا عند الشدة رجال يا رجل.
ويهم بالقيام ثانية فيسمع صوت نفير سيارة قادما من قريب، فيمتقع وجه العمدة وهو يقول: المأمور.
ويمكث الشيخ حسن في مكانه لا يبارحه بعد أن يرى امتقاع العمدة، وتتفتح أفواه الجالسين صموتا حتى تأتي السيارة، فيتبين العمدة أنها ليست سيارة المأمور، ولكن الخوف لا يزايله إذ لعله أن يكون المأمور قادما في سيارة أخرى، وما تلبث السيارة أن تقف ويخرج منها رجل في الحلقة الخامسة من عمره جامد الوجه غليظ الجسم كثير الزينة والحلي، كلهم يعرفه وكلهم يخشاه، وكلهم يداريه وكلهم يكرهه، وينزل من خلفه ثلاثة رجال مدججون بالسلاح، ويصيح العمدة وقد أصبح عند باب السيارة: مرحبا لطيف بك، أهلا وسهلا، خطوة عزيزة، شرفت يا سعادة البك.
ويتقدم القوم يصافحون لطيفا ما عدا الشيخ حسن الذي ظل مكانه، حتى اقترب منه لطيف بك فوقف له في إجهاد: أهلا سعادة البك، لا تؤاخذني فالمرض أقعدني.
ويجيب لطيف بك في محاولة بليدة للرقة: سلامتك يا شيخ حسن.
ويعود القوم إلى مجالسهم، ويأخذ لطيف بك مكان العمدة، ويبدأ الحديث فور جلوسه: سمعت بما حدث عندكم فقلت لا بد أن أزورك، إنني مستعد لكل شيء. - أطال الله عمرك يا سعادة البك، والله لا ندري من أين جاءتنا هذه المصائب. - غريبة! أنا نفسي تعجبت جدا، وتممت على الأولاد فعرفت أنهم جميعا كانوا بعيدين عن أمكنة الحوادث، وسمعت اليوم أن في البلد هنا إشاعة عن رجالي، فاستعلمت ثانية فتأكد لدي أنهم لا شأن لهم بهذه الحوادث، والأولاد عندي كلهم عيون بعضهم على بعض، فلا يمكن أن يفعل أحد منهم شيئا ولا أعرف به، وأنا لا أرضى أن أصيب بلدة مجاورة لي بشر، خاصة وأنا أرجو منها الخير في الانتخابات، وإني - وإن كنت سقطت في الانتخابات الماضية - إلا أني لا أنسى أنكم بلدة مجاورة.
ويقول واحد ممن جاءوا معه: والله إن سعادة البك دائما يأمرنا ألا نتعرض لأحد من هذا البلد بشر أبدا.
ويقول لطيف بك: أليس كذلك؟ وعلى كل حال أنا سأظل وراء هذا المجرم حتى أعرفه.
وتختلط أصوات القوم بالدعاء للبك، ويميل الشيخ رضوان على الحاج علي هامسا في صوت خفيض: هل اقتربت الانتخابات؟ - أظن ذلك.
Shafi da ba'a sani ba