ويطرده العمدة فينصرف، ويدهش القوم جميعا فإن المقدمات لم تكن مؤدية لهذه النتائج، ولو دروا ما كان بين العمدة وبين الشيخ حسن لعرفوا أنها ثورة لم تجد طريقا لها إلا أحمد، ولو كان صالح قد حل محل أحمد لباتت سعدية طالقا في ليلتها تلك.
وقال الحاج إبراهيم: وماذا يفعل صالح مع زوجته؟ إنه لا يملك ما يصلحها به يا حضرة العمدة.
وكان العمدة في هذه اللحظة قد يئس من أي خير يأتيه على يد صالح بعد أن عرف من الحاج إبراهيم ضيق يده، كما أنه كان في هذه اللحظة عزوفا كل العزوف عن المال والرشوة، فقد شق عليه مصرع هذه الصداقة الطويلة، وقد أدرك أن الخنجر الذي صرعت به هذه الصداقة لم يكن إلا المال الذي تكدس عنده، والذي نفر عن صاحبه الشيخ حسن، وهكذا ألمت به لحظة روحانية قلما تواتيه، فقال للحاج إبراهيم: اسمع يا حاج، اذهب إلى سعدية الساعة، وقل لها: إن العمدة يهددها إن لم تبت ليلتها في بيت زوجها، فإنه سيفعل بها الأفاعيل، وقل لها أيضا إنه لا يريد أن يسمع بغضبها مرة أخرى. ألم يعد لنا عمل إلا هي وزوجها؟
ويقوم الثلاثة داعين للعمدة.
ويقوم العمدة إلى بيته وتلقاه زوجته في بشاشة وابنته في تنظر، ولكنهما ما إن تريا وجهه حتى تصبحا كلتاهما حزينتين، فأما الزوجة فلأن زوجها حزين، وأما الابنة فلأنها تدرك ما كان.
وتسأل الزوجة: ما لك يا شيخ زيدان؟ كفى الله الشر.
ويقول الشيخ زيدان: جاءني الشيخ حسن اليوم يخطب درية بنتي لابنه فخري فرفضت، فمشى غاضبا.
وقالت درية دون أن تحس: لماذا يا أبي؟
وفزع الأب من السؤال. - لماذا؟! وأنت التي تسألين لماذا ...؟ ألا تعرفين لماذا؟
وتثوب درية إلى نفسها قائلة: أقصد لماذا أغضبته يا أبي؟
Shafi da ba'a sani ba