133

Yaki da Salama

الحرب والسلم (الكتاب الأول): إلياذة العصور الحديثة

Nau'ikan

ثم استدار إلى الرسول وقال بلهجة امتثالية: هل سيصل سريعا؟

فأجاب الضابط المساعد: خلال ساعة على ما أظن. - هل نجد وقتا كافيا لتبديل ألبسة الجنود؟ - لست أدري يا سيدي الجنرال.

تقدم الجنرال من الصفوف الأولى، وأعطى أمرا بارتداء المعاطف، فجرى ضباط الفصائل بين الصفوف يبلغون الأمر، واهتم الرقباء واكتأبوا بسبب سوء حالة معاطفهم، ولم يلبث المربع المنظم الذي كان يضم جنودا صامتين نظاميين، أن تعاوج مدويا، فالحركة بين الجنود عادت على أشدها؛ رفعوا أكياسهم عن ظهورهم بضجيج مسموع ، وأخذوا يعدون معاطفهم، وارتفعت الأذرع تدخل في أكمام المعاطف.

ولم تمض نصف ساعة، حتى عاد المربع إلى الالتئام والصمت بعد أن انقلب لونه من أسود إلى أشهب، وعاد الجنرال بخطواته المتثاقلة، يقف على مقدمة الفرقة ليعاين جنوده عن بعد، صاح بانفعال: ما هذا أيضا؟ ما معنى ذلك؟

وتقدم بضع خطوات إلى الأمام وهتف: ليحضر رئيس الفرقة الثالثة.

ورددت الصفوف عبارة: قائد السرية الثالثة مطلوب للمثول أمام الجنرال!

بينما راح ضابط تابع يجري باحثا عن الضابط المتأخر.

فلما بلغت الأصوات المرددة «ضابط الفرقة الثالثة، إلى الجنرال!» مشوهة حتى أصبح النداء: «الفرقة الثالثة للرئيس!» أو «الجنرال للفرقة الثالثة!» الصفوف الخلفية، خرج الضابط المعني بالأمر من الصفوف، وعلى الرغم من أنه لم يكن في شرخ الشباب، ولم تكن من عادته الجري، فقد راح يسير جريا نحو موقف الجنرال، لكن طريقته في الجري كانت متعثرة حتى إن طرفي حذائيه كانا يصطدمان ببعضهما بين آونة وأخرى، وكانت قسمات وجهه تحمل طابع القلق الذي يتجلى عادة على وجه التلميذ الذي طرح عليه سؤال في مادة لم يكن قد قرأها، وكانت لطخات بيضاء تحلي أنفه الأحمر من شدة الدلك، وفمه المرتعد لا يستقر على حال، فلما كاد أن يبلغ موقف الجنرال، أصبحت أنفاسه مبهورة، وخطواته تزداد بطأ.

حدجه الجنرال بنظرة من رأسه إلى قدميه، وصاح وهو يقدم فكه الأسفل دلالة على امتعاضه: ما معنى ذلك؟ لعلك تلبس جنودك عباءات بيضاء بعد قليل!

وأشار بإصبعه إلى جندي كان يرتدي معطفا، يختلف لونه عن كل ما حوله من معاطف، وأردف: وأنت؟ أين كنت؟ نحن ننتظر القائد الأعلى، بينما أنت تترك مركزك؟ هم؟! سوف أعلمك كيف تجعل رجالك يبدون بمظهر حسن في أيام العرض!

Shafi da ba'a sani ba