Harakat Islahiyya
محاضرات عن الحركات الإصلاحية ومراكز الثقافة في الشرق الإسلامي الحديث
Nau'ikan
حقيقة لقد ظهر في مصر في العصر العثماني عدد من المؤلفين الذين كتبوا في التاريخ، ولكنهم في جملتهم لا يستطيعون أن يرقوا إلى مرتبة من سبقوهم من مؤرخي القرن الخامس عشر أو القرون التي قبله، ويكفي لإيضاح هذه الحقيقة أن نأتي هنا بأمثلة للمؤرخين المصريين القلائل الذين ظهروا في هذا العصر العثماني.
منهم محمد بن أبي السرور البكري الصديقي، وقد عاش في القرن الحادي عشر (17م )، وتوفي سنة 1087ه، وله ثلاثة كتب تاريخية لا زالت مخطوطة، وهي: (1)
الروضة المأنوسة في أخبار مصر المحروسة، وفيه يؤرخ لولاة مصر وقضاة العسكر في العصر العثماني إلى سنة 1054ه. (2)
عيون الأخبار ونزهة الأبصار، وهو تاريخ مختصر لمصر والدول التي تعاقبت على حكمها، إلى آخر عصر المماليك الجراكسة. (3)
المنح الرحمانية في الدولة العثمانية، وفيه يؤرخ لسلاطين آل عثمان، وينتهي إلى سنة 1039ه.
ومن هؤلاء المؤرخين الإسحاقي المنوفي «محمد بن عبد المعطي» وهو من رجال القرن الحادي عشر أيضا، ترجم له المحبي فقال: إنه كان قاضيا فاضلا عالما مؤرخا، كثير النظم للشعر، صحيح الفكرة، وله تاريخ لطيف ورسائل كثيرة، قرأ ببلده على شيوخ كثيرين، وكان يتردد إلى مصر، وأخذ بها عن أكابر علمائها، وتوفي سنة 1060ه ببلدة منوف.
وكتابه التاريخي عنوانه «لطائف أخبار الأول، فمن تصرف في مصر من أرباب الدول» رتبه على مقدمة وعشرة أبواب وخاتمة، وأرخ فيه لمن ولي مصر من حكام منذ الفتح العربي إلى أوائل القرن الحادي عشر، وانتهى من تأليفه سنة 1033ه، وقد طبع هذا الكتاب في القاهرة طبعات مختلفة في السنوات 1276 و1296 و1300ه.
ومنهم أيضا مرعي الحنبلي، وهو من رجال القرن العاشر (16م) ومن مؤلفاته في التاريخ «درر الفوائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة» ضمنه أخبار الحاج والمنازل، وكيفية الرحيل والنزول والإقامة، وأرخ فيه لمن حج بالناس من الخلفاء والصحابة، والأمراء والأعيان، من مختلف البقاع والأماكن، كما شرح مناسك الحج على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ورتب الحوادث فيه على السنين الهجرية، ويوجد من هذا الكتاب الجزء الأول فقط، وينتهي إلى آخر الباب الثالث «فيمن ولي إمرة الحاج إلى سنة 966ه» وهو مخطوط بدار الكتب المصرية رقم 37م.
ونحب أن نشير هنا إلى أن المصريين كانوا هم السابقين في وضع كتب تترجم لرجال قرن بأكمله؛ بدأ هذا النوع من كتب التراجم ابن حجر، حين ألف كتابه «الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة»، ثم أتى بعده تلميذه السخاوي فألف كتابه «الضوء اللامع في تراجم أعيان القرن التاسع».
ثم انقطع هذا اللون من ألوان التأليف التاريخي من مصر في العصر العثماني، وانتقل إلى أيدي السوريين، فألفوا كتبا ثلاثة ضخمة للترجمة للرجال الذين عاشوا في قرون العصر العثماني الثلاثة: العاشر والحادي عشر والثاني عشر:
Shafi da ba'a sani ba