وترددت قليلا، ثم اقتربت منه فلثمت جبينه وتمتمت: فليبارك المولى خطواتك.
26
واستأذن شيخ الحارة محمود قطائف في مقابلة شمس الدين. وتذكرت فلة خطوة مثل هذه في العهد القديم، فغمغمت «عليه اللعنة». فاستقبله شمس الدين فأجلسه إلى جانبه على الكنبة الوحيدة في الحجرة. ورغم تجاوزه الستين بدا متمتعا بالصحة والحيوية، وأقدر على الصمود لضآلة جسمه وخفته. وقدمت فلة القهوة وقد لفت رأسها بخمار أسود، وجاملته قائلة: كيف حالك يا معلم محمود؟
فدعا لها الرجل بالصحة والبركة وقال: ليتك تشرفين مجلسنا بحضورك لننتفع برأيك!
فتبادلت فلة نظرة مع شمس الدين، ثم جلست على حافة الفراش؟ وتوثب شمس الدين للاستماع وهو لا يتوقع خيرا. كان يعد محمود قطائف بين كارهيه المكظومين، مثل الأعيان، ومن فقدوا بفتونته الجاه والسيطرة. وقال شيخ الحارة: الحلم سيد الأخلاق، والكمال من شيم القادرين.
فهز شمس الدين رأسه دون أن ينبس، فواصل الرجل: بكل أمانة يا معلم شمس الدين إني مفوض من الأعيان للحديث معك. - ماذا يريدون؟ - لهم رغبة شريفة صادقة في الاحتفال بزفافك.
فقال شمس الدين ببساطة: سيجري زفافي في نطاق قدرتي كسواق كارو. - ولكنك فتوة الحارة أيضا؟ - لن يغير ذلك من وضعي كما تعلم. - إنك فتوة الجميع، فتوة الأعيان، كما أنك فتوة الحرافيش، ومن حق كل فريق أن يحتفل بك بطريقته وفي نطاق قدرته.
والتفت شيخ الحارة نحو فلة وسألها: ما رأيك يا ست أم شمس الدين؟
فأجابت فلة بدهاء: الكريم يقبل التكريم ولكن الرأي رأيه.
فقال محمود قطائف بارتياح: بالحق دائما تنطقين.
Shafi da ba'a sani ba