370

فلوحت بيدها محذرة، فقال متنهدا: أما أخي سماحة فهو الشيطان نفسه.

23

في الظلام مرقت ذرة نور. في الصمت اندست همسة حنان. ولم يجاوز السر خرابات الحرافيش. حرصوا على الكتمان ووجدوا في الكتمان حياتهم.

فثمة صرة حاوية لطعام تدس في يد أحدهم، تعقبها همسة تقول «من عاشور الناجي». وسرعان ما يذوب شبح في الظلام. حدث ذلك أول مرة في القبو، ومرة ثانية وقع في الممر، وتكرر في الخرابات. وتهامس به الحرافيش. عرفوا بالفطرة أن السر يسعى وراءهم وأنهم المقصودون بالاتصال. تلقوا من الغيب لقمة. أدركوا أن معجزة تتخلق في ظلام الليل. أن نافذة للرحمة قد فتحت. أن عاشور الناجي أو روحه تضرب فيما بينهم. أن الكون الصلد المصمت تتشقق جدرانه ويطل منها مجهول. وجرت الدماء في عروقهم، ونبضت قلوبهم بالحياة من جديد.

صرة الرحمة وهمسة عاشور الناجي.

24

وبعثت نشوة الفرح حياة في الألسنة فرقصت على أنغام أمانيها. تردد اسم عاشور حتى تجسد. لم يذكر شيء عن الصرة، ولكن انتشر أن عاشور يبعث في ظلام الليل. وسخر رجال سماحة من الخرافة. قالوا إنهم يسهرون الليل فلا يلقون أحدا. ودعا سماحة الشيخ سيد عثمان شيخ الزاوية وقال له: جن الناس من الجوع.

فحنى الشيخ رأسه فسأله: هل بلغك ما يقال عن عودة عاشور؟

فحنى الشيخ رأسه بالإيجاب فسأله: ما رأيك فيه؟ - لا يصدق. - لكنه كفر أيضا!

فقال الشيخ بإشفاق: إنه لكفر.

Shafi da ba'a sani ba