340

فقال بثقة: سمعت أن الرجال يولدون من جديد في سن الخمسين.

فقالت بيقين: ومرة أخرى في الستين، والسبعين.

فتأوه قائلا: لولا غيرة امرأة شريرة لخلد أبي وحطم كأس المنون.

فقالت له دلال: لولا أنك معجزة ما أحببتك قط.

20

تتابعت الضربات وانهالت بعنف على رأس عفيفة. تقوضت دنياها، تبدد حلمها، تبخرت سعادتها، اعتقدت أن «عملا» عمل لزوجها فطافت بأضرحة الأولياء وقراء الغيب، التزمت بكل نصيحة نصحت بها، ولكن جلال توغل في ضلاله بلا هوادة. لقد أهمل عمله أو كاد، واظب على السكر والعربدة، التصق بدلال، استباح كرامته في مغازلة البنات.

لولا الخوف من العواقب لفكرت في أن تشكوه إلى مؤنس العال. ولم تجد في حزنها ووحدتها إلا ابنها شمس الدين، فبثته حزنها ومأساتها، وقالت له: حدثه يا شمس فربما لان لك.

وكان بين عفيفة وشمس الدين علاقة حميمة فاقت كل تصور، فحزن الفتى لأمه، حزنه على سمعته وكرامته. وتشجع فصارح أباه بأحزانه، ولكن الرجل غضب، وهزه بعنف قائلا: أتريد أن تربيني يا ولد؟

فانطوى الفتى على أحزانه. كان يماثل أباه في قوته وملاحته وأخلاقه المأثورة التي تقوضت فجأة، ولم يدر ماذا يفعل، وراح يعاني ثورة من عواطفه تتحدى بنوته وبره ودماثته. ولم تكف أمه عن شكواها، فتلقى منها نفحات متواصلة من المرارة والحنق. وطالما حذرته: سيبدد كل شيء، سيتركك متسولا.

وبدا له أن أسرته تعاني من لعنة أبدية. تستعين بالجنون والدعارة والموت. وتقلص قلبه فأخذ يجف من الوفاء والحب، ويتحدى المجهول بالقوة والقهر.

Shafi da ba'a sani ba