كتاب
حقيقة الإيمان
بقلم
عبد الله محمد (طارق) بن أحمد (عبد الحليم) القنائي
-تغمده الله برحمته-
بسم الله الرحمن الرحيم
تصدير (*)
"مما يجب أن يعلم أن الذي يريد أن ينكر على الناس ليس له أن ينكر إلا بحجة وبيان، إذ ليس لأحد أن يلزم أحدًا بشيء، ولا يحظر على أحد شيئًا بلا حجة خاصة، إلا رسول الله ﷺ المبلِّغ عن الله الذي أوجب على الخلق طاعته فيما أدركته عقولهم، وما لم تدركه، وخبره مصدق فيما علمناه، وما لم نعلمه.
وأما غيره إذا قال: هذا صواب أو خطأ، فإن لم يبين ذلك بما يجب به اتباعه، فأول درجات الإنكار أن يكون المنكر عالمًا بما ينكره، وما يقدر الناس عليه، فليس لأحد من خلق الله كائنًا من كان أن يبطل قولًا أو يحرم فعلًا إلا بسلطان الحجة، وإلا كان ممن قال الله فيه [الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ماهم ببالغيه] (١)، وقال فيه [الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتًا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار] (٢) .
هذا وأنا في سعة صدر لمن يخالفني، فإنه وإن تعدى حدود الله فيّ بتكفير أو تفسيق، أو افتراء أو عصبية جاهلية: فأنا لا أتعدى حدود الله فيه. بل أضبط ما أقوله وأفعله، وأزنه بميزان العدل، وأجعله مؤتمًا بالكتاب الذي أنزله الله، وجعله هدى للناس، حاكمًا فيما اختلفوا فيه.
قال الله تعالى: [كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه] (٣)، وقال تعالى: [فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول] (٤) . وقال تعالى: [لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط] (٥) .
_________
(*) صدرت الطبعة الأولى لهذا الكتاب في مطبعة المدني بالقاهرة ١٩٧٩ م
(١) غافر ٥٦.
(٢) غافر ٣٥.
(٣) البقرة ٢١٣.
(٤) النساء ٥٩.
(٥) الحديد ٢٥.
1 / 1