Gaskiya
الحقيقة: وهي رسالة تتضمن ردودا لإثبات مذهب دارون في النشوء والارتقاء
Nau'ikan
الفصل الخامس
في أن القوة والجوهر سيان
وأما كون الحركة الباطنة وتغير الشكل تقتضيان القسمة بالفعل - وهو اجتماع النقيضين - فهو صحيح إذا اعتبرت الحركة شيئا مستقلا بذاته غير الجوهر الفرد، وربما عنوا بالحركة الباطنة الذات أيضا، فكانت الحركة والجوهر الفرد شيئا واحدا، ويلزم أن يكون ذلك كذلك؛ لأن المادة في أدق أجزائها إذا فرضت ساكنة لم تعقل، وكذلك الحركة إذا فرضت بدون شيء متحرك لم تعقل، أو تلاشتا معا. وهذا لا يعقل أيضا، قال ورتز: «إن القوة لا تكون وحدها، بل يلزم أن تصدر من شيء، وأن تفعل على شيء، وأن تظهر بحركة، وكيف تكون حركة بدون شيء متحرك؟»
وإذا صح رأي طمسن في الجواهر الفردة، فربما زال هذا الإشكال، قال المقتطف في الكلام على الهيولي: «وأما خصائص الحلقات الزوبعية، فقد أثبتها هلمهلتز الجرماني بالبرهان على فرض كون الحلقات في جسم تام السيولة لا يقبل الانضغاط مطلقا متجانس الأجزاء؛ أي إن كثافته واحدة في كل جانب من جوانبه تام الاتصال، أي إنه غير مؤلف من جواهر منفصلة بعضها عن بعض لا يتغير قسم جرم منه ولا كثافته إذا تحرك «القسم»، وإنما يتغير شكله.» وقال ورتز: «وهذه الزوابع مرنة، وشكلها متغير، ولا يتوازن إلا في الدائرة، فإذا تغيرت عن هذا الشكل فلا تزال تتحرك حتى تعود عليه، وإذا أريد قطعها بمدية فإنها تهرب من أمام المدية أو تلتف عليها، فهي تمثل شيئا ماديا لا ينقسم، وإذا تحركت حلقتان في جهة واحدة بحيث يكون مركز كل منهما على خط واحد، وسطحه كذلك على موازاة هذا الخط؛ فالحلقة المتأخرة تنقبض على نفسها وسرعتها تزيد، والسابقة تتسع وسرعتها تقل حتى تسبقها المتأخرة، ثم يحصل ما حصل أولا، ولكن ذاتيتهما لا تفقد بتغير شكلهما وسرعتهما.»
الفصل السادس
في كشف الخلط وإظهار الغلط
وأما قول صاحبنا: «إنه يلزم من فرض الجوهر الفرد على كل مذاهبه عدة غرائب، منها أنه لو وضع جوهر من النيتروجين مثلا على جوهر من الحديد وضغط بأثقال العالمين ما نفذ أحدهما الآخر وما تجزأ.» فليس فيه من الغرائب سوى هذا القول نفسه، ولعله يذهب إلى أنهما يتنافذان. وإنا لنعجب منه كيف أن معدته لم تقو على هضم ما عده من هذا القبيل سفسطة، مع أن عقله قوي على هضم ما لا يهضم، وشرب ما لا يشرب، مما لو اجتمعت أثقال العالمين وضغطته ليدخل إلى الذهن لم يدخل.
وهل يرتاع من خوض السواقي
فتى قد خاض في البحر الكبير
وقوله: «ومنها أن كل دقيقة من دقائق المركبات لا تقسم إلا بالحل للكيمي، وإلا أوجب الضغط على دقيقة الماء قسمة جوهر الأكسجين الفرد إلخ.» فنسأله: وهل تقسم بدون ذلك؟ وإذا قسمت فهل تبقى ماء؟ ثم هو يعلم - فيما نظن - أن الفعل الطبيعي قد يصاحبه فعل كيمي لما في طبع القوى من إمكان التحول بعضها إلى بعض، حتى إن القوى الميكانيكية البحتة تجعل تحليلا في المواد المركبة تركيبا ضعيفا، وكذلك قوله: «ومنها أن الأتروبين وإن كان يذوب في الكحول فالدقيقة منه لا تذوب فيه.» فلا ندري ما مراده به؛ لأن التذويب إنما هو عبارة عن اجتماع دقائق سائل بدقائق جسم آخر، فإما أن يقع بين الدقائق فيكون مثل هذا القول لغوا، وإما أن يقع عليها فيكون التذويب فعلا كيميا، وحينئذ يحصل عنه تحليل وتركيب لا يوجب قسمة في الجواهر، بل تحليلا، فايم الحق إنا لم نكن نتوقع منه مثل هذا الخبط لما يعهد من علمه وذكائه.
Shafi da ba'a sani ba