Jakar Shudi
الحقيبة الزرقاء: رواية عصرية أدبية غرامية
Nau'ikan
فاكفهر وجه إدورد لهذا الإفصاح، وانعقد لسانه فازدادت أليس جرأة في الحديث: إني أحبك يا إدورد حبا يسقمني ببعدك، ويشغل فكري بك دائما، ويحرمني النوم، ويمنعني عن كل لذة لا تشترك أنت فيها معي، وأعد نفسي أسعد العاشقات لأنك أجمل المعشوقين شكلا وعقلا، ولأنك مقيم معي في كل حين أمام عيني كما أنك في قلبي.
عند ذاك أخذ إدورد المسألة بالجد، ورأى أنه من الواجب أن يعلن حقيقة قلبه؛ لئلا تنخدع أليس وتبني القصور في هواء الأوهام. - ولكن حب الأخوين بيننا أغلب من كل حب يا أليس، نحن ربينا في بيت واحد، وتعودنا منذ الطفولية أن نعتبر أنفسنا أخا وأختا، وقضينا نحو عشرين سنة تحت هذا الاعتبار، فكيف نقدر أن ننقض في ساعة واحدة ما بنته طبيعة الحال في عشرين سنة؟! مهما تغيرت إحساساتنا وتنوعت عواطفنا وترقت أميالنا؛ فلا أقدر أن أنظر إليك إلا كأخت، أعاشرك يا أليس وأتنزه معك وأراقصك وأضمك وأقبلك، وأنا أشعر أني أقبل وأضم وأعاشر أختا، ولا أرى قلبي يحيد عن هذا النوع من الحب.
فامتقع لون أليس، واكمد اكمداد الشمس في حين الكسوف الكلي، ورأت قصور الآمال التي كانت تبنيها في هواء الأوهام هابطة أمام بصيرتها. - أما أنا فأحبك يا إدورد حب عاشقة لا حب أخت. - أستغرب ذلك جدا يا أليس ... - لا تستغرب، ألا ترى في كل ظاهرة من ظواهر الطبيعة نوعا من التحول؟! فالتحول ناموس طبيعي يطلق على كل شيء حتى الحب، ألا ترى البرتقالة في أول أمرها خضراء، ثم تبهت خضرتها شيئا فشيئا حتى متى نضجت مع الزمان صارت مشبعة الصفرة؟ هكذا مرور الزمان وانفصالنا الواحد عن الآخر في المدارس كفيا لتحول الحب من أخوي إلى غرامي.
وكان بعد ذلك سكوت طويل فإدورد يتأمل في كيف يحول قلب أليس عنه، وأليس تتأمل في ماذا يكون جوابه، وتفكر في كيف تجتذبه وقد طمعت جدا في استمالته؛ لأنها ظنت أن إعلان حبها له يستميله.
لم تعد أليس إلى هذا الحديث في ذلك المساء ولا في اليوم التالي، وإنما كانت تلاطف إدورد جدا وتضاحكه، وتعنى به وبكل شيء يخصه، ولا تدخر جهدا في مسرته؛ حتى جعلت الاهتمام به شغلها الشاغل. أما هو فكان يبسم لها عند كل أمر، ويشكر لطفها، ويتجنب ما استطاع عنايتها واهتمامها به.
الفصل الرابع
ضغط على قلب
وفي مساء اليوم التالي وردت إلى إدورد رقعة الدعوة من صديقه اللورد روبرت بنتن، ففضها بثغر باسم ووجه باش، كأنه يتوقع أن يرى فيها كتابة من يد لويزا ولكن لم ير، ولماذا يرى؟ لم يستغرب ألا يرى كلمة منها في رقعة الدعوة؛ لأنه يعقل الأمور جيدا، ولكن هو القلب يطمع بالكثير حتى بالمستحيل، فهو لم يكن ينتظر كتابة من لويزا، ولكنه كان يتمنى أن يرى كتابة منها له، وكأن قلبه يقول: «ماذا يمنع أن تكتب لي حرفا إذا كنت وقلبها قد أصبحنا في مهد حب واحد. لماذا تقضي النظامات الاجتماعية ألا يتكاتب المحبان حالما يصبحان حبيبين؟ ولماذا تقوى هذه النظامات على الحب؟ بل لماذا تخضع القلوب المستقوية بالحب للتقاليد والعادات البشرية؟»
صه أيها القلب ما تلك النظامات والعادات الاجتماعية إلا وحي إله الحب، بل هي مستمدة من نظامات الحب ونواميسه نفسها. لويزا تتمنى أن تكتب كلمة لإدورد، ولكن هناك ناهيا أقوى من الآداب الاجتماعية ينهاها عن ذلك وهو إله الحب، وكذلك إدورد يود أن يكتب كلمة للويزا ولكن إله الحب يمسك يده، لماذا يفعل إله الحب هكذا؟ لأنه لو كتب لها وكتبت له في بدء حبهما؛ لانتهى حبهما على أثر ذلك.
وكان إدورد يقرأ الرقعة بكل بشاشة وخاله ينظر إليه: أرى هذه رقعة دعوة يا إدورد. أيمتنع أن تخبرنا أي الأصحاب يدعوك؟ - صديق حميم. وقد تمكنت صداقتنا في هذا العام في المدرسة، وهو اللورد روبرت بنتن. ولا تجهل يا سيدي معزة صديق المدرسة.
Shafi da ba'a sani ba