294

في الناس أركبها إذا قيل اركبوا فأما سائر الكفار من العرب والعجم فإنهم نفوا البعث. وقالوا: كيف يحيا من قد مات ودفن ثم صار عظاما ثم ترابا، ونسوا كونهم من تراب، ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، ثم خلقت المضغة عظاما، ثم كسيت [العظام] لحما، ثم أنشأها الله خلقا آخر ، ذكرا أو أنثى، ثم أخرجه طفلا، أولم يعلموا أن الذي خلقه من تراب يعيده؟ ولو كان قد صار ترابا، وقد ذكر الله قولهم واحتج به عليهم فقال تعالى: {أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين ، وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم ، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ، الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون ، أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم ، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون}[يس:77-83]، وقال تعالى: {ق والقرآن المجيد ، بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب ، أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد ، قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ ، بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج ، أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج ، والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج ، تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ، ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد ، والنخل باسقات لها طلع نضيد ، رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج ، كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود ، وعاد وفرعون وإخوان لوط ، وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذبالرسل فحق وعيد ، أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد}[ق:115]، وقال تعالى: {أيحسب الإنسان أن يترك سدى ، ألم يك نطفة من مني يمنى ، ثم كان علقة فخلق فسوى ، فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى ، أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى}[القيامة:36-40]. فهل ترى حجة أفلج من حجة الله، أو برهانا أبهر من برهان الله؟!

Shafi 368