Haƙiƙan Ilimi
حقائق المعرفة
Nau'ikan
ومن أفضل الصبر أن لا يدعو إلى الله لزوال البلية إلا إذا أجهده الأمر ولم يجد للصبر موضعا، كما فعل أيوب عليه السلام، فإنه دعا إلى الله، قال الله تعالى: {واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب}[ص:41]، وكذلك قال يعقوب عليه السلام: {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله }[يوسف:86]، ولم يدعوا ربهما بزوال البلية إلا عندما أجهدهما الأمر، ولم يجدا للصبر موضعا؛ ولأنهما لو سألا ربهما زوال البلية في مبتدئها لم يكونا راضيين بالبلية. ولا يكون العبد صابرا على البلية إلا إذا كان راضيا بها وكان يقدر على الخروج منها فيختار الصبر عليها، مثل أن يصيبه الله بألم فيرضى به ولا يسخط منه ولا يشكوه إلى مخلوق. ومثل من يصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى، ويصبر على كظم الغيظ وهو يقدر على الانتصار، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((ألا إنه سيكون أقوام لا يستقيم لهم الملك إلا بالقتل والتجبر، ولا يستقيم لهم الغنى إلا بالبخل والفجور، ولا تستقيم لهم المحبة في الناس إلا باتباع الهوى، فمن أدرك ذلك منكم فصبر على الذل وهو يقدر على العز، وصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى، وصبر على البغضة في الناس وهو يقدر على المحبة، لا يريد بذلك إلا وجه الله والدار الآخرة، أثابه الله تعالى ثواب خمسين صديقا)).
Shafi 333