Haƙiƙan Ilimi
حقائق المعرفة
Nau'ikan
واعلم أنه لولا البلاء لما عرف الله، ولما عرف المطيع من العاصي، ولما عرفت النعمة؛ ولأن العبد إذا مسه ضر دعا ربه [منيبا إليه] وتضرع إليه؛ قال الله تعالى: {وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار}[الزمر:8]. وأيضا إنه لولا البلاء لما عرف فضل النعمة، وفي الشاهد أن المعافى لا يعرف فضل العافية حتى يبتلى، فإذا أصابه ألم وضر ومرض تمنى العافية، وعرف فضلها وقدرها. وكذلك من أضر به الجوع والظمأ إذا وجد الطعام والماء عرف فضل النعمة بعد البلية.
وفي البلية منافع أخرى، منها أنها تذكر العبد عذاب الآخرة وألمها، ولولا البلاء في الدنيا ما صدق العبد بوعيد الله في الآخرة.
ومنها أن البلاء يمنع العبد عن كثير من المعاصي، ويرغبه في الطاعة، ويزهده في الدنيا. ولما كان في الشاهد أن الأطباء والحكماء من الناس يداوون الأعلاء بدواء مؤلم لهم في الحال، نافع لهم في المآل، كالفصد، والكي، وشرب العقاقير، وأمثال ذلك، حكم العقل الضروري أن البلاء من الله حسن، وأنه نافع للمبتلى قال الله تعالى: {وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون}[الأعراف:168]، يريد أنه بلاهم بالخير ليشكروا، وبلاهم بالشر ليحذروا. والشكر والحذر رجوع إلى الله تعالى.
Shafi 321