228

واعلم أن العبد لا يقدر [على] أن يبلغ غاية شكر الله كما لا يحصي عد نعم الله، ولا يتم ذلك لبشر كائنا من كان، لقول الله تعالى: {ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة}[فاطر:45]، وقد حكى الله عن الأنبياء " التوبة والاستغفار، فقال تعالى -حاكيا عن آدم عليه السلام وحواء: {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}[الأعراف:23]، وقال تعالى -حاكيا عن نوح عليه السلام: {رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات}[نوح:28]، وقال تعالى -حاكيا عن إبراهيم عليه السلام: {الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء ، رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ، ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب}[إبراهيم:39-41]، وقال تعالى -حاكيا عن موسى عليه السلام: {قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم}[القصص:16]، وقال تعالى -حاكيا عن داود عليه السلام: {فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب }[ص:24]، وقال تعالى -حاكيا عن سليمان عليه السلام: {رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب}[ص:35]، وقال تعالى لنبيئنا صلى الله عليه وآله وسلم: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا ، ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما}[الفتح:1،2]، وليس خطايا الأنبياء جميعا -صلوات الله عليهم أجمعين- بتعمد منهم لمعصية الله سبحانه، ولكنهم يغفلون ويسهون، ويفترون وينسون، إلا في تبليغ الرسالة فإنهم معصومون عن النسيان والغفلة، وأشباه ذلك.

وأما فيما يخصهم في أنفسهم فليسوا بمعصومين بل يسهون، وينسون ويغفلون، بل إنهم معصومون من الكبائر، وليسوا بمعصومين من الصغائر.

والدليل على أن النبيء لا ينسى ما أرسل به قول الله تعالى: {سنقرئك فلا تنسى ، إلا ما شاء الله}[الأعلى:6،7]، ومعنى {ما شاء الله} يريد وقت النوم والموت، وعلى ذلك فطرهم الله. وغيرهم من الناس، قال الله تعالى: {وخلق الإنسان ضعيفا }[النساء:28].

Shafi 300