Haƙƙoƙin Musulunci
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
Nau'ikan
والنرڤانا حالة عامة كحالة الكارما، إلا أنها إلى العدم أقرب منها إلى الوجود؛ لأنها الحالة التي تنتهي إليها جميع الأرواح حين تفرغ من عناء الوجود، وتتجرد من شواغل الأجساد وشواغل الأرواح على السواء، وتتساوى أرواح الآلهة وأرواح البشر في حالة النرڤانا هذه كلما سعدت بنعمة الخلود غير محسوس ولا مشهود. •••
ولسنا نريد في هذه الصفحات القليلة أن نتتبع الصور الإلهية والربوبية كافة بين أمم الحضارات الأولى، وإنما نجتزئ منها بالنماذج الدالة عليها فيما ارتقت إليه من التنزيه، وفيما هبطت إليه من التجسيم أو التشبيه أو التشويه؛ ولهذا يغنينا عن الاسترسال في شرح عادات الأقدمين أن نضيف إلى ما تقدم مثلا آخر يتمم أمثلة اليونان والهند، وذلك هو مثل الديانة المصرية القديمة من أبعد عهود الفراعنة إلى عهد الديانات الكتابية، وهي - أي الديانة المصرية القديمة - أرفع الديانات فيما نعلم ترقيا إلى ذروة التوحيد والتنزيه، وإن كانت في عبادتها الشائعة تهبط أحيانا إلى مهبط الديانات الغابرة من عبادة الطواطم والأنصاب، وعبادة الأرواح الخبيثة والشياطين.
بلغت ديانة مصر القديمة ذروتها العليا من التوحيد والتنزيه في ديانة «آتون» التي بشر بها الفرعون المنسوب إليه «أخناتون».
ويؤخذ من صلوات «أخناتون» المحفوظة بين أيدينا أنه كان يصلي إلى خالق واحد يكاد يقترب في صفاته من الإله الخالق الذي يصلي له العارفون من أتباع الديانات الكتابية، لولا شائبة من العبادة الوثنية علقت به من عبادة الشمس، فكانت هذه الشمس الدنيوية رمزا له ومرادفا لاسمه في معظم الصلوات. •••
هذه الشواهد من التاريخ القديم شواهد تمثيل لا شواهد حصر وتفصيل، وهي مغنية في الدلالة على المدى الذي وصل إليه تنزيه الفكرة الإلهية في أمم التاريخ القديم جميعها؛ لأنها تدل على ما وصلت إليه الفكرة الإلهية المنزهة في أرفع الحضارات الأولى وهي الحضارة المصرية، والحضارة الهندية، والحضارة اليونانية.
وجملة الملاحظات على تنزيه الفكرة الإلهية عند الأقدمين أنه كان تنزيها خاصا مقصورا على الفئة القليلة من المفكرين والمطلعين على صفوة الأسرار الدينية.
ثم يلاحظ عليه بعد ذلك أنه تنزيه لم يسلم في كل آنة من ضعف يعيبه عقلا ويجعله غير صالح للأخذ به في ديانات الجماعة على الخصوص.
ففي الديانة المصرية لم تسلم فكرة التوحيد من شائبة الوثنية، ولم تزل عبادة الشمس ظاهرة الأثر في عبادة «آتون».
وديانة الهند لم تعلم الناس الإيمان ب «ذات إلهية» معروفة الصفات، وليس في معبوداتها أشرف من الكارما والنرڤانا، وهما بالمعاني الذهنية أشبه منهما بالكائنات الحية، وإحداهما - وهي النرڤانا - إلى الفناء أقرب منها إلى البقاء.
والتنزيه الفلسفي الذي ارتقت إليه حكمة اليونان في مذهب أرسطو يكاد يلحق الكمال المطلق بالعدم المطلق، ويخرج لنا صورة للإله لا تصلح للإيمان بها ولا للاقتناع بها على هدى من الفهم الصحيح.
Shafi da ba'a sani ba