Hanin Ila Kharafa
الحنين إلى الخرافة: فصول في العلم الزائف
Nau'ikan
وكثيرا ما يلجأ المفكرون الهامشيون الذين استهزئ بأفكارهم إلى اتهام المؤسسة والقول بأن أفكارهم رفضت لا لشيء إلا لأن «المؤسسة العلمية» تقاوم الأفكار الجديدة على نحو غير معقول، وبخاصة عندما تأتي من «الغرباء»، وقد أخذ باحث نمسوي، هو وليم هونيج، أخذ هذه التهمة يوما مأخذ الجد، ورغم أنه هو نفسه عالم تقليدي مرموق فقد أحس أن هذا الحشد الكبير من التأملات غير التقليدية قد تحتوي على بعض الأفكار النافعة التي يجري إغفالها من جانب علماء التيار الرئيسي؛ لذا أسس هونيج في عام 1978م مجلة فريدة اسمها «تأملات في العلم والتكنولوجيا»، وقصد بها أن تكون منبرا للحجج والنظريات غير التقليدية التي يتعذر أن يمررها محررو المجلات المحكمة القائمة لكونها مفرطة في التأمل، ومفتقرة للبيانات الداعمة الكافية، ومناقضة للنظريات الراهنة المقبولة ... إلخ؛ فلعل بين ركام الغثاء ماسات مغبونة، غير أنه بعد خمس سنوات من الصبر والإصغاء قرر هونيج الإقلاع عن مشروعه؛ فقد فشل في العثور على عبقريات حقيقية، وبدلا من ذلك وجد تيارا لا ينقطع من المهووسين وأشباه البرانويديين والناقمين، ربما تصادف بينهم فردا لديه فكرة قد تكون مثيرة، غير أنه عاجز عن تطويرها أو توصيلها للآخرين. أغلق هونيج مجلته وخلص إلى أن المفكر المجدد حقا سوف يجد في النهاية أذنا صاغية عبر القنوات العلمية العادية.
وقد كان ظهور الإنترنت نعمة كبرى لكل من يرغب في السباحة ضد التيار، ولم يحدث في التاريخ أن وجد الدخلاء مثل هذه الفرصة لبث أفكارهم، غير أن المحبط في هذا الأمر أن الكم نفسه - كم التأمل النظري - جعل اكتشاف اللآلئ بين الروث أصعب مما كان في أي وقت مضى. (2-1) العلم الزائف في البيولوجيا
الليسنكوية
Lysenkoism
في زمن الاتحاد السوفيتي تحت حكم ستالين كانت أفكار تروفيم ليسنكو
Trofim Lysenko
الثابت زيفها هي التي تتبناها الدولة كمبادئ صادقة لعلم الجينات. لقد كان ليسنكو يدعم اللاماركية؛ لأنها تلائم الأيديولوجية الماركسية، وقد أدى هذا المذهب في البيولوجيا إلى خنق البحث الجيني ونقص الإنتاج الزراعي عقودا من الزمن، كما أدى إلى انعدام الكوادر المدربة القادرة على النهوض بالدولة في مطلع عصر التكنولوجيا الحيوية. ومن المؤسف أن كثيرا من أنبغ العلماء السوفيت وألمعهم قد ألقي بهم في معسكرات الاعتقال لتجرئهم على إبداء الشكوك في حماقات ليسنكو.
مذهب الخلق العلمي
scientific creationism
يحاج أنصار مذهب الخلق العلمي بأن التأويل الحرفي لقصة الخلق في سفر التكوين هو بديل معقول لنظرية التطور بالانتخاب الطبيعي، وأنه علم مشروع ينبغي تدريسه في منهج البيولوجيا بمعاهد التعليم. ومن الحق أنه لا يوجد عالم ذو مكانة في البيولوجيا أو الحفريات أو الجيولوجيا يؤيد هذه المحاولة الخرقاء التي تحمل الدين على أن يتنكر كعلم. ومن الحق أيضا أن أغلب الحصفاء المسيحيين يجدون فكرة العالم ذي الستة آلاف سنة عمرا فكرة معيبة، وأن بعض علماء البيولوجيا هم من المسيحيين الخلصاء، ولكنهم لا يرون ضرورة للصراع بين الدين والعلم في هذه الحلبة، ويتقبلون التطور على أنه الآلية التي شاءها الخالق لبسط الحياة على الأرض، وقد أعلن البابا يوحنا بول الثاني أخيرا هذا الموقف بوصفه الموقف الرسمي للكنيسة الكاثوليكية، ورغم أن معظم البيولوجيين قد لا يرون ضرورة لافتراض فاعل شخصي قدرت مشيئته إيجاد قوانين الطبيعة، فليس ثمة تناقض منطقي في هذا الرأي؛ لأن العلم لا يتعامل إلا مع الآليات القريبة
Shafi da ba'a sani ba