ومما يؤكد ما قلنا في حب الأوطان قول الله عز وجل حين ذكر الديار يخبر عن مواقعها من قلوب عباده فقال: " لو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم "، فسوى بين قتل أنفسهم وبين الخروج من ديارهم. وقال تعالى: " وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا ".
وقال عمر رضي الله عنه: " عمر الله البلدان بحب الأوطان ".
وكان يقال: لولا حب الناس الأوطان لخسرت البلدان.
وقال عبد الحميد الكاتب، وذكر الدنيا: " نفتنا عن الأوطان، وقطعتنا عن الإخوان ".
وقالت الحكماء: أكرم الخيل أجزعها من السوط، وأكيس الصبيان أبغضهم للكتاب، وأكرم الصفايا أشدها ولها إلى أولادها، وأكرم الإبل أشدها حنينا إلى أوطانها، وأكرم المهارة أشدها ملازمة لأمها، وخير الناس آلفهم للناس.
وقال آخر: من إمارات العاقل بره لإخوانه، وحنينه لأوطانه، ومداراته لأهل زمانه.
Shafi 389