فلم تتمالك نفسها من الضحك وسألته: أبدا؟
فقال بهدوء: سألازمك كظلك. - يا له من أسر مرهق. - لك؟ - كلا .. فإنه يسعدني، ولا شك، أن يظل زوجي إلى جانبي، ولكن كيف لك أنت بالصبر على هجر لونابارك وسنت جيمس؟ - هذا شأن يعنيني وحدي.
فلم تزد على أن قالت: افعل ما فيه راحتك.
ومضى البك يحقق وعيده دون إمهال، فخلع ثيابه وارتدى البيجاما والروب دي شامبر وجلس إلى جانبها، وتسلسلت الأيام على منوال واحد، فكانا يقطعان النهار معا يتحادثان حينا ويطالعان حينا آخر، فإذا سئمت من جلستها وقامت إلى الشرقة أخذ مقعدا إلى جانبها، أو نزلت إلى حديقة القصر تتريض في مماشيها؛ رافقها، حتى إذا ولى النهار وجاء الليل وحانت ساعة النوم، أويا معا إلى مخدعهما فنام ملء جفنيه.
وكانا يخرجان كثيرا لزيارة الأصدقاء والأقارب، ويغشيان الملاعب والملاهي والسينمات، فلا يفترقان دقيقة، وثابر على حياته الجديدة مثابرة الصابرين، ولازمها حقا كظلها، وحافظ على كلمته أن يتركها تفعل ما تشاء على أن تتركه يفعل ما يشاء كذلك. ولم تظهر السيدة أي تذمر، وقضت أيامها مرحة ضاحكة كأنها أسعد الأزواج حقا. وفي يوم من الأيام اقترحت عليه أن يذهبا إلى شيكوريل لشراء حاجاتها وحاجات الأولاد، فذهبا معا ودخلا المحل الشهير، ودارت به على الأقسام المختلفة تشاهد البضائع وتسأل البائعين، وصعدا إلى الطابق الثاني وجالا هنا وهناك، وهو يتبعها صامتا يقف حيث تقف ويسير حيث تسير، فمر على تجوالهما ساعتان أو يزيد لم يسترح الشيخ فيهما دقيقة واحدة، حتى لهث من شدة التعب وعلا صدره وانخفض، وسال عرقه باردا، واشترت ذلك اليوم شريطا من الدانتلا!
ثم عادا إلى السيارة، فارتمى الرجل على مقعده منهوك القوى، وقال لها: لم تشتري شيئا ذا بال.
فقالت: ينبغي التريث في الشراء، سنعود غدا.
وعادا في الغد، ودارت به كما فعلت بالأمس، ولكنه لم يحتمل المشي والوقوف، ولحقه الإعياء فقال لها: سأنتظرك في السيارة.
وانتظرها ساعة أو يزيد، ثم حضرت يتبعها غلام يحمل المشتريات، فسألها البك: هل انتهيت والحمد لله؟
فقالت بهدوء: هذه كسوة حسني.
Shafi da ba'a sani ba