أجل، هو ما قلت وما عنيت (يرفع الستار ويكشف «بولونيوس» ويخاطبه)
وأنت أيها الأجير الحقير، الثرثار الأبله، وداعا وداعا، ظننتك من هو خير منك، فخذ ما قسم كما قسم، وتبين - ولو بعد حين - أن الإفراط في الزلفى قد يجر وبالا. حسبك ما تبدين من الإشارات بذراعيك ويديك ... عودي إلى السكون ثم اجلسي واسمعي، فلئن كان قلبك لم يتحجر، لأفطرنه تفطيرا.
الملكة :
أي ذنب جنيت، فتقسو علي بلسانك هذه القسوة؟
هملت :
جنيت ذنبا يدنس الطهارة، ويخضب بالحياء وجه العفة، ذنبا ينزع الوردة من جبين الحب، ويضع مكانها قرحة، ذنبا يعيد عهود الزواج مكذوبة كأقسام المقامرين، ذنبا يجعل العقد جسما بلا روح، ويجعل الدين لفظا بلا معنى. انظري إلى السماء ، وهذا الوجه المكفهر الذي تبدينه، كأن الساعة ساعة النشور. إنها لمريضة من التفكير في ذلك الذنب.
الملكة :
يا ويلتي، ما تلك الخطيئة المجاوزة لكل حد؟
هملت :
حدقي في هذين الرسمين، وقابلي مليا بينهما. أهذا البشع يشبه بذاك الجميل؟ أهذا الصعلوك يشبه بهذا المليك؟ لو كان البصر بلا سمع، والسمع بلا لمس واللمس بلا شم، بل لو لم يكن لنفسك إلا أدنى جزء من الحس، لما أجاز لك أن تؤثري هذا الوغد الذميم، على ذاك السيد العظيم، ثم إنك لست في مقتبل الصبا، وليس لك عذر الغرام في شرخ الشباب، إن الدم لتخمد حرارته في مثل سنك هذه، ويدع الكلمة العليا للعقل، ويحك أيها الخجل أين حمرتك؟ أي جهنم الثائرة، لا عجب بعد الآن أن تذوب الفضيلة ذوبان الشمع بنار الشباب، إذا كان في ثلج الكهولة من الضرام ما يفعل مثل فعلها، وإذا كان العقل يتوسط توسط القواد لحمل الإرادة على السفاح.
Shafi da ba'a sani ba