أخاله؟! كلا يا سيدتي، ليس الأمر غريبا بالمخيلة، ولكن بالواقع، وما من معرفة بيني وبين المخيلة، يا أيتها الأم الشفيقة، ليس دثاري الأسود كالمداد، ولا سائر ما يعتد من آلات الحداد، ولا التصعيد، أو التصويب للزفرات، ولا شحوب الوجه واكفهراره من الحسرات، ولا انهمال المدامع بمثل فيض المنابع، ولا علائم الحزن كافة، أو ضروبه قاطبة، أو شكوله جميعا بوافية في الشهادة لي بصدق حزني، أو بكافية في الدلالة على فرط شجني، ذلك مما يصح أن تقال فيه لفظة «يخال» ولكن في هذا الداخل من اللاعج والضرام، ما لا تستطيع بيانه المظاهر.
الملك :
إن في اشتداد جزعك لدليلا على جودة عنصرك يا «هملت»، ولكن أباك فقد أباه من قبل، كما أن جدك فقد كذلك جده، وهذه سنة الله فالتشدد في الحزن والإصرار على استمراره إلى ما وراء الزمن الجائز، أشبه بالثورة في وجه القدر، والمعصية لأمر الله، وإنك لأقرب الناس إلينا، وأحبهم لدينا فليعلم ذلك الناس وليكن لك فيه سلوان، ثم إنا لنرغب إليك في العدول عن العودة إلى مدارس«ويتنبرج»، بل نضرع إليك أن تبقى بيننا قرة لأعيننا.
الملكة :
لعلك لا تخيب رجاء أمك، وابتهالها إليك: أن تقيم معنا وتصدف عن الدراسة في «ويتنبرج».
هملت :
سأطيعك يا سيدتي بما في وسعي.
الملك :
حسن. هذا جواب حنو وكياسة، ليكن مقامك في ال «دانمرك» كمقامنا بلا مراء. هلمي يا سيدتي. إن هذه الرقة من «هملت» قد ولجت قلبي باسمة، ومن أجلها سأشرب كؤوسا اليوم. على قصف المدافع، حتى تتجاوب السماوات برجع الأصوات الصاعدة إليها من الأرضين. هلمي (يخرج الجميع ما عدا «هملت») .
هملت :
Shafi da ba'a sani ba