Hamayan Zad Zuwa Gidan Gobe
هميان الزاد إلى دار المعاد
Nau'ikan
قال الحسن شياطينهم هم الآدميون الكفار، وقال أصحابنا رحمهم الله كبراؤهم وقادتهم فى الشر، وكلام الحسن يحتمله، قال ابن عباس رضى الله عنه شياطينهم رؤساء الكفر، وقال مجاهد أصحابهم من المنافقين والمشركين، وقيل المنافقون الكفار. فالقائلون المنافقون الصغار، وقيل شياطينهم كهنتهم، وعن ابن عباس كهنتهم الخمسة المتمردة كعب بن الأشرف من اليهود بالمدينة لعنه الله، وأبو بردة فى بنى أسلم لعنه الله، وعبد الدار فى جهينة لعنه الله، وعوف بن عامر فى بنى أسد لعنه الله، وعبد الله بن السوار فى الشام لعنه الله، وتسميتهم شياطين أشد مناسبة لأنهم يتكلمون مع الشياطين ويأخذون عنهم، إذ لا كاهن إلا ومعه شيطان تابع له، وإطلاق الشياطين على الآدميين المتمردين مجاز فى العرف والعادة والعربية والعامة، وأما فى أصل العربية فاالشيطان كل متمرد من الجن والإنس والدواب، ونون الشيطان أصلية والياء والألف زائدة، ووزنه فيعال، فلو سمى به أحد لصرفه وهو من شطن إذا بعد لبعده عن الصلاح والخير، ويدل له قولهم تشيطن أو زائدة مع الألف والياء أصل، ووزنه فعلان، فلو سمى به لمنع الصرف وهو من شاط يشيط إذا احترق، أو بطل، والشيطان باطل ومحترق بالشهب، وفى جهنم، ويدل له تسمية الشيطان بالباطل، وقد ذكر سيبويه فى موضع من كتابه أنها أصل وفى آخر أنها زائدة لا يتنافى ذلك، بل أراد أن فيه وجهين محتملين. { قالوا } لهم { إنا معكم } فى الاعتقاد والديانة التى دنتم بها، وفى الأثر
" ذو الوجهين لا يكون عند الله وجيها "
وعنه صلى الله عليه وسلم
" من شر الناس ذو الوجهين يأتى هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه "
رواه أبو داود فى سننه، وقال صلى الله عليه وسلم
" من كان له وجهان فى الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نار "
رواه أبو داود فى سننه أيضا. قلت لم قالوا للمؤمنين آمنا معبرين بالجملة الفعلية، وقالوا للكفار إنا معكم بالجملة الاسمية المؤكدة، بأن؟ قالت عبروا للمؤمنين بالجملة الفعلية الدالة على الحدوث ادعاء لحدوث الإيمان لهم، وأنهم بعد ما كانوا فى الكفر تركوه وخرجوا عنه إلى الإيمان، وهذا ما أمكن لهم أن يخادعوا به المؤمنين، ولا يمكنهم أن يخادعوا بادعاء الإيمان والرسوخ فيه، والتأكيد والمبالغة، ولا بادعاء أنهم أعظم إيمانا داخلون الجنة التى لم يدخلها سواهم، إذ لو ادعوا ذلك لم يقبله المؤمنون عنهم ولم يصدقوهم، بل يكذبونهم، ولأن أنفسهم لا تساعدهم على ادعاء ذلك، لأنه يؤدى إلى ظهور كذبهم وافتضاحهم، ولرسوخها فى الكفر والنفاق حتى لا تطاوعهم إلى ادعاء ذلك كذبا، وربما صدر منهم مكابرة لأنفسهم، وتشجعا موطنين أنفسهم على أن يكذبهم السامع كما مر عن عبد الله بن أبى مع على بن أبى طالب. وأما مخاطبتهم الكفار بالكون معهم فقابلة للتأكيد بالجملة الاسمية وإن، وادعاء البقاء على الكفر، وعدم الخروج منه لأنهم على هذه الصفة من أنفسهم وظاهر منهم ما يصدقهم عليها، فهم يصرحون بها إلى الكفرة فى نشاط وارتياح إلى التكلم بها، وتقبل الكفرة ذلك عنهم وتصدقهم فساغ التأكيد للجملة الاسمية الدالة على الثبوت وبأن وبقولهم { وإنما نحن مستهزءون } فى قولنا للمؤمنين منا فإنا نقوله بألسنتنا فقط، فهذه الجملة مؤكدة الجملة { إنا معكم } ، وبيان التأكيد أن المستهزئ بالشىء المستخف به منكر لذلك الشىء، ودافع لأن يكون معتدا به ودفع الإيمان إصرار على الكفر، كما أن قولهم إنا معكم إصرار عليه، ويجوز أن تكون جملة إنما نحن مستهزئون بدل من جملة إنا معكم، بدل مطابق، فإن الاستهزاء بالإيمان ترك للكون مع أهله، وعدم الكون معهم نفسه الكون مع الكفرة المدلول عليه بقوله { إنا معكم } وإن شئت فقل الاستهزاء به تحقير له وتحقيره تعظيم للكفر، وقولهم إنا معكم تعظيم للكفر، ويجوز أن تكون استئنافا بيانيا كأنه قيل إن صح أنكم معنا فمالكم تقولون للمؤمنين آمنا؟ فأجابوا بأنا نقول لهم ذلك استهزاء بمحمد وأصحابه والمؤمنين لنا من شرهم، ونقف على سرهم ونأخذ من غنائمهم وصدقاتهم، والاستهزاء السخرية والاستخفاف، وأصله الموت السريع والفعل الخفيف والسريع، يقال هزأ فلان مات فى مكانه سريعا، وهزأت الناقة أى أسرعت وخفت، وهزأ بقوله أسرع به من غير توقف أن يكون من صميم قلبه. { الله يستهزئ بهم } أى يجازيهم على استهزائهم، وذلك من تسمية العقوبة باسم الذنب، فسمى جزاء الاستهزاء باسم الاستهزاء، ذلك مذهب الجمهور، وإنما لم نحمل الاستهزاء على ظاهره لأنه عبث وجهل، كما قال قوم موسى له
أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين
فجعل المستهزئ من الجاهلين، والله جل وعلا منزه عن القبائح من عبث وجهل وغيرهما، ومن ذلك بتسمية جزاء السيئة سيئة إلا أن يقل تسميتها سيئة أو تسمية الجزاء سيئة باعتبار المعنى اللغوى وهى الفعلية تسوئ وتؤلم، وإن قلت فهل لا قيل الله يجازيهم على استهزائهم بدل الله يستهزئ بهم؟ قلت عبر عن المجازاة على استهزائهم بالاستهزاء إما للمشاكلة لقوله { إنما نحن مستهزءون } ، والمشاكلة نوع من أنواع البديع اللفظية، وهى ذكر الشىء بلفظ غيره لوقوع ذلك الشىء فى صحبة ذلك الغير وقوعا محققا أو مقدرا. وستأتى إن شاء الله تعالى فى سورة النحل، وإما لكون الجزاء على الاستهزاء مماثلا للاستهزاء فى القدر، وكلا الوجهين مجاز، فالأول مرسل تبعى لعلاقة المجاورة، والثانى بالاستعارة التصرحية التحقيقية التبعية، أو معنى يتسهزئ بهم ليرد وبال الاستهزاء عليهم، ورده الوبال عليهم كالاستهزاء بهم، وفيه الاستعارة المذكورة، أو معناه ينزل بهم الحقارة والهوان اللذين هما لازم الاستهزاء والغرض منه، فيكون مجازا مرسلا تبعيا من التعبير باسم الملزوم عن اللازم، أو بلفظ المسبب عن السبب نظرا إلى الوجود، فإن الاستهزاء مسبب عن الحقارة الموجودة فى نفس الأمر، أو بلفظ السبب عن المسبب نظرا إلى التصور، فإن الاستهزاء إنما يمكن ويتصور إذا وجدت الحقارة والهوان، وأو باللازم عن الملزوم كذلك، فإن الاستهزاء إنما يترتب على حقارة وهوان موجودين، أو معنى يستهزئ بهم يعاملهم معاملة المستهزئ بأن يفعل بهم فعالا هى فى تأمل البشر هزء، فتكون تلك الاستعارة المذكورة شبه صورة صنع الله بصورة صنع الهازئ مع المهزأ به، وذلك فى الدنيا والآخرة، فأما فى الدنيا فإجراء أحكام المسلمين عليهم واستدراجهم بالإهمال والزيادة فى النعمة مع تماديهم فى الطغيان، كأنهم شاكرون، وأما فى الآخرة فقد روى أن النار تجمد لهم كما يجمد الشحم المذوب، ويظنون أنها منجاة فتخسف بهم، روى ابن أبى الدنيا فى كتاب الصمت عن الحسن مرسلا، وغيره عن الحسن وابن عباس والشيخ هود رحمه الله، وغيره وهو أطولهم حديثا واللفظ له، وبعض يزيد على بعض. قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" يجاء بالمستهزئين يوم القيامة فيفتح لهم باب إلى الجنة "
Shafi da ba'a sani ba